في ظل الاحتجاجات المتزايدة والمتصاعدة ضد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، واتساعها بشكل ملحوظ ولافت، تطالبه بالرحيل من منصبه، أظهر استطلاع جديد أجرته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن تراجع شعبية نتنياهو، حيث جاء فيه “إن 54% يرغبون في انسحابه من الحياة السياسية مقابل 36% يرغبون في بقائه”، وحول ثقة الإسرائيليين بإمكانية نتنياهو في التعامل مع أزمة كورونا أجاب 55% بأنهم لا يثقون به.
ويبدو من خلال الاستطلاعات أن معركة قد بدأت على شكل صراع حاد بين المؤيدين والمعارضين لنتنياهو وهو الأمر الذي سينسحب تلقائياً وطبيعياً على كل “القوى والأحزاب الإسرائيلية”، وهناك من يشبّه الأوضاع المتأزمة بين أطراف الخريطة “السياسية الإسرائيلية” على أنها بداية حرب أهلية جراء كل الأزمات التي تعصف “بإسرائيل”، والتي تشير التقديرات إلى أن نتنياهو بات يتحمل تبعاتها ومسؤولياتها، وخاصة أنه حتى في تحالفاته للخروج من عنق الزجاجة إثر الانتخابات العامة “للكنيست” وللمرة الثالثة ومع تشكيل حكومة بأغلبية الأصوات، كان قد غلّب مصالحه الشخصية على ما ينبغي أن يقوم به كرئيس للحكومة، لكنه آثر التلاعب بزمن أراد منه أن يوفر له الظروف الكفيلة لإنقاذ نفسه من الاتهامات الموجهة له بسبب الفساد والرشا وتسويق الأكاذيب والعجز في معالجته للأوضاع الصعبة الإسرائيلية.
لقد فضحت أزمة كورونا نتنياهو إلى حد أن نسبة الفشل في معالجة تداعيات وأخطار الوباء كانت هي الأكبر بالنسبة لعدد “الإسرائيليين” عن بقية الإصابات التي عصفت بدول العالم. وتشير الإحصائيات إلى أن الكيان الصهيوني قد تجاوز حاجز ثلاثمئة ألف إصابة بفيروس الكورونا، كما أودى مرض “كوفيد19” بحياة 2167 شخصاً.
لقد فتح نتنياهو الباب على مصراعيه لأزمات وحرائق أراد أن يكون “الإطفائي” لها من أجل أن يصل إلى انتخابات مبكرة رابعة “للكنيست” يحصد فيها الأغلبية المطلقة من دون الحاجة إلى تقديم تنازلات “لقوى وأحزاب” يجد نفسه مرغماً على الائتلاف معها لنيل الثقة، لكنه لا يستطيع أن يستمر في لعبة كسب الوقت. فازدادت الأزمات وتعددت عناوينها، ولم تعد صحية فحسب، بل باتت اقتصادية و”سياسية” وحتى عسكرية. وذلك كله وضع نتنياهو في خسارة فادحة، لأن تقديرات المقاعد البرلمانية لليكود مثلاً الذي يتزعمه لن يتجاوز 28 مقعداً بخسارة ما بين 8 إلى 10 مقاعد في “الكنيست” الحالي.
ويجمع محللون ومعلقون في الكيان الصهيوني على أن نتنياهو في سياسته المقامرة والمغامرة، وفي ظل حساباته المضللة والمخادعة قد حفر قبره بيديه، ولم يتمكن في الوقت نفسه من ضمان هروبه من التهم التي تلاحقه وقد تدفع به إلى السجن، وها هو الآن بين “المطرقة والسندان”: مطرقة الإقالة وسندان المحاكمة. وعندها لكل حادث حديث.