الدخل الهزيل أضعف الأداء ..!
بات ضعف دخل العاملين في الدولة مسوغاً لتدني الأداء والترهل في إنجاز الأعمال في مختلف القطاعات، ويمكن القول إن هذه الظاهرة السلبية الخطيرة تكاد تسود لدرجة أنه لم يعد من السهل محاصرتها إذا دام مسببها.
المثال الأقوى يأتي من تراجع التعليم العام بمختلف مراحله، فحديث الأهالي لا ينفك عن عدم كفاية هذا التعليم واحتياج أبنائهم الحتمي للدروس الخصوصية التي لم تعد تقتصر على بعض مواد شهادة التعليم الثانوي العام، بل امتدت لتشمل مرحلة التعليم الأساسي وبصفوفها الأولى، وعندما تناقش المدرسين في الأسباب فإنهم يطرحون كومة الهموم المعيشية التي شلت تفكيرهم وأثقلت كاهلهم في ظل عجز دخلهم “القزم” عن رفع أي منها وسعيهم للدروس الخصوصية لتعويض ذلك العجز.
والقطاع الصحي على المنوال نفسه ، فعندما يراجع المواطن أياً من فعالياته يلاحظ بروداً في التعامل وأغلب الكوادر يتأففون ولا يبدون الاهتمام اللازم في أداء الخدمة التي تعد حيوية بامتياز لارتباطها بصحة الناس، حتى إن الدوام لدى الكوادر الطبية باستثناء قلة ممن يخافون في الله لومة لائم لا يتعدى في أقصاه الساعتين أو الثلاث ساعات.. يتم تضييعها “هباءً منثوراً ” ومسوغ ذلك التهرب أيضاً ضعف الدخل وخاصةً لدى أولئك الذين قد لا يعادل راتب الشهر كاملاً جزءاً يسيراً من أجر عملية جراحية في القطاع الخاص، وقد يكون مبرر بقائهم على قيود القطاع العام من باب اصطياد المرضى واقتيادهم ل”الخاص”.
وفي المخابز يتوارى جهد الكثيرين من العاملين المثبتين في أعمال إدارية لا قيمة لها، فيما يقوم مجموعة من الصبية الموسميين على صناعة الخبز فيخرج الرغيف غير مرغوب أو مستساغ الطعم والرائحة والشكل ويحيد كمية ليست بالقليلة للتلف، وعندما تبحث عن الدوافع تجد سيلاً من الشكاوى على الوضع المعيشي وتدني الدخل الذي قد لا يساوي قيمة الوقوف لساعة أمام بيت النار.
ضعف الأداء وتضييع الوقت تهرباً من العمل لا يقتصر على ما سبق من قطاعات بل يتعداه إلى غيرها الكثير والمسوغات واحدة، وهنا ينبغي الإسراع بتحسين دخول العاملين في القطاع العام إلى الحدود المعقولة التي تُبعد عنهم العوز وتحقق لهم كفاف العيش، لأن ذلك وحده كفيل بأن يكون منطلقاً لمعاودة تعزيز جودة الأداء والتخلص من حالات الترهل والتقصير السائدة.