مواجهة مع النظام الدولي
رغم انقضاء فترة حظر التسليح الظالم المفروض على الجمهورية الإسلامية الإيرانية من مجلس الأمن بالقرارين 1747 و1929 الخاصين باستيراد وتصدير الأسلحة أو أي مواد مرتبطة بها من إيران وإليها، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى لنفسها “الحق” منفردة في تمديد الحظر، رغم فشلها في إقناع أعضاء مجلس الأمن الدولي بتمديده.
تجاهل واشنطن للقرار الأممي وتهديدها للدول، يضع المنصة الأممية أمام مواجهات من نوع آخر، في حال استسلام الدول للإرادة الأمريكية، أولها: في مصداقيتها التي ستصبح موضع شك في حال اكتفت الدول، وخاصة دائمة العضوية، إضافة لألمانيا، بالصمت أو حتى التزام الحياد لتجنب التهديدات الأمريكية، وثانيها: تحول قرارات أي منصة أممية، تابعة لمشيئة دولة واحدة إلى عادة تجري على قرارات مستقبلية تخص الأمن والسلم الدوليين، ما سيقوض مبادئ وأهداف المنظمات الدولية، كما سينتفي سبب تأسيسها ووجودها.
أمريكا التي ترى نفسها “فوق” القانون الدولي أو “شرطي العالم”، لم ترَ بالسلاح الإيراني إلا أمن “إسرائيل”، فهذا الضجيج الأمريكي يتلخص بتصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأن السلاح الإيراني يزيد من خطر التهديدات لأمن “إسرائيل”، إذاً يبقى لأمريكا هدفان بالمنطقة، الأول: أمن “إسرائيل” فهو لا يزال في مقدمة سياستها، وثانياً: النفط –إن لم يكن للاستهلاك الأمريكي كما كان في الماضي- فأقله للضغط على الدول وحصارها، فمقارعة أمريكا للقانون الدولي وللشرعية الدولية وبالأخص في هذه المنطقة تأتي لمتطلبات “الأمن الإسرائيلي”.
لم تعد أمريكا كما كانت “قدراً” على العالم، فرفض الدول موافقتها على تمديد قرار الحظر يعني أن واشنطن فقدت الكثير من موقعها الضاغط على الدول، كما أن الرفض وتحدي واشنطن إلى النهاية، يعد كامتحان دولي لتأسيس نظام دولي يلتزم باحترام ميثاق الأمم المتحدة، ويؤسس لمرحلة جديدة من تعاطي الدول مع بعضها في ظل قانون دولي يرفض تحمّل تهديدات وعقوبات كيان يرى نفسه “فوق” الأمم والشعوب.
واشنطن التي سعت وهددت في السابق الدول في ظروف دولية كانت لجانبها بالكامل، لتمرير قرار الحظر على طهران، هي اليوم أمام انتهاء مدة الحظر وحيدة.