قوة واحدة فقط تحكم الاقتصاد يحكمها رأس المال من جهة, والعقل البشري من جهة أخرى, وبذلك يشكلان الركن الأساسي لها , فكلما كان رأس المال المستثمر متفقاً مع قوة العقل, كانت أسباب القوة الأوفر حظاً للبقاء مهما كانت الظروف المحيطة بالحالة الاقتصادية. لكن بقراءة بسيطة لماهية المشروعات الاستثمارية , نجد أنها في غالبيتها تكتسب صفة الاستثمار (الربحي السريع والخفيف) والتوجه العام نحو إقامة مشروعات في مجالات الاستهلاك المباشر و المردود الأسرع مادياً كالصناعات الغذائية والأدوية على اعتبارها استهلاكاً يومياً ومباشراً ..
وبالتالي هذا الاستثمار على الرغم من أهميته يعتبر نقطة ضعف كبيرة في تركيبة الاقتصاد من جهة , وطريقة التفكير والتعاطي لأصحاب رأس المال , وأصحاب القرار الاقتصادي للمشروعات الصغيرة منها والكبيرة من جهة أخرى , وهذا بدوره يثير مجموعة من التساؤلات جلها يدور حول طريقة التعاطي مع هذه التركيبة , وخاصة لجهة توفير المقومات الأساسية والبيئة المناسبة التي تؤمن قوة إضافية للاقتصاد من جهة , وحماية السوق المحلية وتأمينها من جهة أخرى , ليس في حالات الرخاء فحسب بل في وقت الشدة أيضاً وهذا ما افتقدناه تماماً خلال الأزمة الحالية , فكان الاعتماد الكلي على الاستيراد لاستنزاف مخزون الخزينة من القطع الأجنبي..! وعندما تعترض على سياستهم وتعاتبهم قليلاً تجد حججهم كثيرة , ليس من أهل المال فحسب , بل من أهل الشأن الاقتصادي ومن يعاونهم في رسم الاستراتيجيات وتقديم التسهيلات , وجميعهم يتهمون الروتين والإجراءات وضعف المقومات والمعوقات وغيرها كثير, نذكر منها على سبيل المثال: تعدد التشريعات والقوانين الناظمة للاستثمار , والجهات المنوط بها رعايته والإشراف عليه , وتعقيدات الإجراءات المتعلقة بإجراءات الترخيص , وأهمها سياسة تطفيش الاختراعات والإبداعات الوطنية ..!
لكن للأسف إلى الآن لم نصل إلى الاستثمار الصحيح للعقل البشري , بدليل الكم الهائل من الاختراعات التي تعرض سنوياً, والأخطر التي تهرب وتستثمر في بلدان أخرى لتعود سلعاً نستهلكها بأضعاف ثمنها وجلّ ما نتمناه الرعاية للإبداع البشري ورأس المال لوطني , فهل ننتظر طويلاً لرؤية استثمار كهذا يحكمه العقل دون شهوة الربح السريع ..!؟
Issa.samy68@gmail.com