عبقرية إدارية
الله وحده يعرف كيف تسير الأمور ، وكيف يتدبر الناس أحوالهم ويؤمنون قوت يومهم ، ووحده المولى عزّ وجل يتدبر ويحفظ دنيا البشر ، رغم “تعفيس وتخبيص ” بعض من يعدّون ذواتهم مسؤولين لا يخطئون أبداً، ويعدون الناس المعتّرين (كثيري غلبة) وأصحاب شكوى دائمة وتذمّر ..!
لم يعد هناك استغراب لأي أمر أو لتأخير في تقديم خدمة ما ، أو تسويف ومماطلة ، كلها مسائل تم الاعتياد عليها . فالمواطن هو من يدفع مجبراً ، والمسؤول دائماً على صواب وغيره مخطىء لا محالة .فهو يذيّل القرار بالحبر الأخضر وكأنه مصدر القوة والجبروت ، معتبراً نفسه الأصح حتى لو حمل قراره مفاعيل رجعية ، وخرب حياة وأمور آلاف العباد ،لا يهمّ..!
للأسف هذه هي السياسة الإدارية المتبعة في بعض الوزارات , محدودية في التفكير وضيق أفق عند القضايا الحساسة ، وتوسع وأريحية في الأمور الهامشية الفارغة ..!
هل رأيتم عبقرية في العالم توازي العبقرية الإدارية التي قد نلمسها ونلحظها هنا وهناك ..؟! قرارات مجحفة بحق أشخاص انتظروا طويلاً للظفر بفرصة عمل ، ليأتي القرار وبجرة قلم منهياً حلماً كبيراً بدأت ملامحه بالتحقق , فقط لغرور مسؤول ربما لا يعي مخاطر ذلك ، ولا يلمّ تماماً بأسس التفكير الحديث..!
وكيف لنا بقرار إحدى الوزارات عندما تفتّق ذهن بعض جهابذتها عن التدقيق بالبطاقة ” الذكية” للمحروقات ومطابقتها مع رقم السيارة للحصول على الوقود , ففتحوا بذلك باب رزق لعامل “الكازية” ليسطو أكثر وأكثر وتزداد دراهمه على حساب “الغلابى ” المعدمين ..!
شواهد كثيرة من التشويه الإداري والمشكلات ، قاسمها المشترك الروتين والفوضى الضاربة ، وهذه القصص ليست وليدة اللحظة بل أصبحت إرثاً ونمط عمل وتقليداً للحصول على المنفعة ، و يزداد ” مغص ” البطون عندما يتفوّه البعض من أصحاب المنزلة ، وخاصة عندما يقولون نحن على المسار ! وهنا لا نملك إلا أن نقول : نحن على المسار الصحيح ويوجد كل هذا التخبط و”التخبيص” ؟ فكيف لو كنا على المسار غير الصحيح ..؟!!