احترموا عقولنا
لنعترف حقيقة بأن الهوة باتت كبيرة بين تصريحات بعض المسؤولين في الحكومة، وعلى الأخص بما يتعلق بالظروف المعيشية، وبين الأوساط الشعبية، لدرجة أن الكثير بات يردد “ياريتو ما حكا ولا صرح”، وهناك من يقول أيضاً “ننصحهم بالدقة والموضوعية لكنهم لايكترثون” ولا نريد هنا أن نذكر بتلك التصريحات، التي لو راجع بها المعني نفسه قبل الحديث باعتقادنا لما تحدث أو نطق بها، وسنذكر بعضها على سبيل المثال، وكلنا يذكر مقولات ” الحكومة ليست مسؤولة عن فقر المواطن.. الكهربا للإنارة وليست للتدفئة.. ليس من واجبات الوزارة تأمين فرص العمل.. سنرفع أسعار الإنترنت لتحقيق العدالة بين المشتركين.. الشتاء فاجأنا…”
ولذلك أصبحت مقولة المواطنين الحاضرة والدارجة في كل يوم وساعة “احترموا عقولنا” لأن التصريحات غالباً ما تنافي الواقع، والأمثلة كثيرة هذه الأيام ومن قبل، فحين يطلق المسؤول وعوداً بأن مشكلة البنزين ستحل مطلع الشهر الحالي تشرين الأول، ولا تزال قائمة، ولا يوجد رادع لمكافحة الفاسدين في هذا الإطار سواء من يهرب المادة لخارج الكازيات، او يتقاضى عمولات معينة لتغيير في الدور وما شابه ذلك، تصبح الثقة مشوشة، وبحاجة لخطوات للعودة إلى جادة الصواب، خاصة وأننا لم نعد في فضاء مغلق، بل أصبحنا في نافذة مفتوحة تقتحم كل منزل شئنا أم أبينا، وهذه النافذة نجحنا إلى حد كبير في تعرية أدواتها الخارجية التي كانت تسعى لتأليب الرأي العام وتسخيره لخدمتها كنوع من أدوات الضغط التي ترافقت مع الجانب العسكري والذي لم يترك مشغلوه – بدعم الإرهابيين – أي وسيلة إلا واستخدموها، لكن الصمود الأسطوري حال دون تنفيذ مخططاتهم، فنجحنا في الانتصار، ودحر العدوان الذي تعددت أشكاله، ولا نزال في معركة المواجهة مع فلوله.
وأمام هذا الصمود الأسطوري حري بالجهات المعنية أن تحترم عقولنا، وتدرك أن المواطن في طبعه فطن وذكي، ويملك من الحكمة والوعي، إذا ما تمكن المعنيون من إيصال الرسالة الواقعية ذات المصداقية والشفافة والواضحة والسلسة التي تعالج واقعه ومشكلاته، ستجد الآذان المصغية، وضرورة أن يكون المسؤول قريباً من المواطن، ومستمعاً له ولمشكلاته ويسعى لحلها، لأن المنصب مسؤولية وليس امتيازاً، فهل نشهد واقعاً جديداً في قادمات الأيام؟.