احترقت الحروف والكلمات، وأصبح الرثاء بلا معنى أمام مشهد الغابات وهي تشتعل!. ولأن الحياة لا تكتفي بالنيّات بل بالأفعال، يعود السؤال الذي يتكرر كل سنة إلى الواجهة: ماذا سنجهز كي نواجه الحرائق القادمة وهي تحدث بالفعل كل عام؟. هل هناك خطط مدروسة لدى وزارة الزراعة ودائرة الحراج يمكن أن يعلنوها للناس تتضمن التدابير المعدة أم أنهم لا يملكون الإمكانات المادية والبحثية لإنجاز ذلك؟. المكاشفة في هذا الأمر ضرورية خاصة أننا لم نسمع توضيحاً يصدر على وسائل الإعلام كي يخبرنا ماذا يجري ولماذا اشتعلت هذه الحرائق ولم نتمكن من السيطرة عليها بالسرعة المطلوبة حتى أتت على جبال كاملة في الساحل؟.
لا نريد استباق التحقيقات في هذا الأمر، لكن احتمال وجود الفاعل عن عمد غير مستبعد لا في هذه المرحلة ولا سابقاً ولا في المستقبل، ولهذا يتطلب الأمر تخطيطاً ومعدات وإجراءات استباقية لكل ما يمكن أن يجري لأن العواطف والمشاعر لا يمكنها إنقاذ غابات الزيتون والسنديان والدلب والبلوط ومجمل الحياة البرية والزراعية التي تواجه اليوم حرباً قاسية لا تقل خطورة عن معارك السلاح!.
من يتتبع مسير هذه الحرب من سنوات حتى اليوم، يكتشف أن الأعداء يستهدفون الدورة الاجتماعية الاقتصادية في البلاد بشكل أساسي، فالمطلوب فصم عرى الترابط بين البيئة والإنسان وبين الناس مع أنفسهم.. إنهم يريدون تحويلنا إلى متسولين في الخيام لا نملك كفاف يومنا ولا نحلم سوى بلقمة الخبز والسلامة كي نتنازل عن كل حلم آخر يمكن أن يقضّ مضاجعهم في تدمير هذه الأرض والاستيلاء عليها..
نكتب اليوم بشكل بارد، بقلوب من حجر وأصابع لا ترتعش.. وننتظر طائر الفينيق السوري كي ينهض من بين الرماد!.