نشرات خلبية

أخرج أبو أحمد ورقة بيضاء يحتفظ بها في جيبه، شاهراً إياها في وجه صاحب محل السوبر ماركت، وكأنها سلاحه الأبيض، والابتسامة الصفراء بادية على وجهه، قائلاً: لم يعد لديكم حجة بعد اليوم، سعر صحن البيض 3500 هذه نشرة وزارة التجارة الداخلية بيدي، حدّق البائع بوجه أبو أحمد رامقاً إياه بنظره ازدراء قائلاً: “انقعها وشراب ميتها”، حبك تشتري ب4400 وإلا فلا، هل فعلاً تصدق تلك النشرات الخلبية؟!
منذ أسبوع تقريباً احتفلت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بتسعير 22 مادة تضمنت المواد الغذائية الأساسية “وطبلت وزمرت” في الإعلام وكأن ما قامت به إنجاز تاريخي، المثير في الأمر أن النشرة التي تم “التطبيل” لها على أنها إنجاز وزاري بتكليف حكومي لم تختلف من حيث الجوهر عن آليات التسعير السائدة أي إن المستوردين والمنتجين هم من حددوا أسعار التكلفة عملياً لتقوم الوزارة “بقدها ودلئها” بإصدار نشرتها وفقاً لهوامش الربح المعتمدة لكل حلقة من حلقات التجارة فقط.
وما زاد الطين بلّة تصريح مدير الأسعار في الوزارة الذي أكد أن الوزارة تحرص على وضع هوامش أرباح منطقية وعادلة وغير مجحفة بحق المواطن، طبعاً إذا ما أخذنا هذا التصريح بنيّة سليمة وافترضنا أن هذا المواطن الذي تقوم الوزارة بحمايته قد أراد شراء كيلو واحد فقط من هذه المواد ال (22) الأساسية التي سعرتها الوزارة في الشهر فإنه سيضطر لدفع 80 الف ليرة أي إن راتبه المتآكل لن يكفي لشراء كيلو واحد من تلك المواد التي من المستحيل أن تكفيه إذا كان لديه عائلة! فأين هي الهوامش غير المجحفة بحق المواطن؟ وما الجديد الذي تضمنته النشرة الجديدة طالما اعتمدت على بيانات التكاليف نفسها ومن المصادر نفسها ربما باستثناء تجميعها في نشرة واحدة ؟
وهنا تذكرت قول أحد الأشخاص المتفائلين عندما عقّب على ارتفاع الأسعار قائلاً: ليش عم تظلموا الحكومة، وهي تتعمد رفع الأسعار خوفاً على صحتكم فمثلاً سعر الدخان الوطني أصبح أغلى من الأجنبي وأيضاً ارتفاع سعر السمنة والسكر والرز كل تلك المواد تسبب الكوليسترول والأمراض المزمنة !!؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار