المواعيد النهائية
تشكل المواعيد النهائية تحديا خاصة إذا كانت البداية متأخرة، أو كان الزمن الفاصل عن الموعد النهائي أقل من الزمن اللازم للإنجاز، وقد تتحول هذه المواعيد مع كثرة الفوضى إلى اضطراب يشبه حالة ربة المنزل التي تبدأ تفكر بماذا تُعِد لوجبة الغداء مثلا وهي لم تنه وجبة الإفطار!، وقد يزداد إلى درجة الهَوَس في حال كان المكلف بالعمل على عدم معرفة بالزمن اللازم لإعداد العمل أو الوجبة في المثال السابق.
في الأعمال الآلية تبدو هذه الأمور أكثر سهولة من الأعمال الإبداعية، على أن الأعمال الآلية لا تقتصر على الآلات فقط، بل تشمل أعمالا تدخل فيها اليد ولكن بطريقة آلية، لا إبداع فيها، أما الأمور الإبداعية، ومنها الكتابة، فالأمر لا يكون بالسهولة التي تبدو عليه.
دورية العمل تجعل المبدع أمام تحد يعتبر محفزا من جهة عدم الاستكانة للكسل، ولكن مع إغفال الراحة من جهة مختلفة!.
في التسعينات من القرن الماضي اعتاد مطربو الأغاني مثلا، أن يصدرها ألبوما سنويا، كان يبدو التركيز فيه على القليل من الأغاني تسمى الأغاني “الضاربة”، وتحشر معها أغان ليست بالمستوى نفسه، ولا مبرر لوجودها، إلا المواعيد النهائية، فتحضر المواعيد والمهم أن لا يسبقه غيره من المطربين، الذين لم يستطيعوا أن يثقوا باسمهم أو عملهم في سوق الأغاني المزدحم بالضجيج، بينما كان الخارجون من هذا السباق الوهمي، يكتفون بإصدار ألبوم فقط بشرط نضوجه.
في الكتابة الدرامية، وقع كتاب الدراما بهذه الدورية، بسبب الموسم الدرامي في شهر رمضان، ورغم بعض الخروج من هذا الموسم، إلا أنه خروج لم يُرّسخ لنعتمد عليه بإنهاء هذه الدورية كما انتهت الدورية في الأغاني بإصدار أغنية ضاربة دون كثير عناية بإصدار ألبوم كامل، واكتفوا بالمنافسة على صعيد عدد المشاهدات، خاصة عند من أصبح عنده رصيد من الأغاني “الضاربة” يكفيه لإقامة حفلة أو حفلات.
في الكتابة الصحفية، تفرض دورية الإصدار ايقاعها، ولا يوجد سبيل للخروج من هذه الدورية، إلا بإصدار كتاب، وندرة هذا السبيل دليل على عدم الأخذ به، خاصة إذا كان الكاتب يكتب بأكثر من مستوى لغوي!.