منذ أيام تعطلت الغسالة، وبدأت (الحرب الكونية) كناية عن تدخل الأولاد مع والدتهم للإسراع في إصلاحها وخاصة في هذا الطقس الحار والرطوبة المرتفعة التي تؤدي الى الإكثار من الاستحمام وبالتالي غسيل الملابس..
« بلا طول سيرة» (رضخت) لكل الطلبات والأوامر التي أتلقاها واستنجدت بأبي جنى, الرجل الظريف الذي يثابر من دون تأخير على إصلاحها منذ سنوات، وصل الرجل و(عاين) الغسالة، وقال: العطل في المحرك وهو يحتاج الى لف ولأنني أتحسس من مصطلحات كهذه؛ صرخت في وجه الرجل (ودوران) أيضاً لا أقبل..!
قال: يا أخي اللف للمحرك فقط.. المهم (عتلنا) المحرك الى (اللفيف) الذي نصحنا به صديقنا، وبدأت أنتظر نتائج معاينة المحرك من دون تأخير كانت النتيجة أن المحرك سليم، والعطل في البرنامج.. قام صديقنا بفك البرنامج وبدأت رحلة البحث عن برنامج جديد.. في هذه الرحلة بدأت أستذكر البرنامج الانتخابي للمرشح الفلاني، واكتشف أن رسوبه في الانتخابات لم يكن بسبب قلة شعبيته بل كان نتيجة (عطل) أو عدم فهم ومعرفة وتفنيد ما جاء في برنامجه الانتخابي.. وهكذا من مرشح إلى مجلس الشعب إلى مرشحين للإدارة المحلية إلى مرشحين آخرين للنقابات والاتحادات.. كل هؤلاء تذكرتهم وتذكرت بياناتهم الانتخابية؛ استنتجت وأنا أبحث عن برنامج للغسالة؛ إن سبب رسوبهم في الانتخابات هو البرنامج الانتخابي.. جميعهم سيكافحون الفساد, مثل برنامج الغسالة الذي يعمل من أجل النظافة، وجميعهم سيجففون منابعه.. تماماً كما يفعل برنامج الغسالة في «تنشيف» الملابس التي (أصبحت نظيفة)، وجميعهم (سيعصرون) كل القرارت التي تتعلق بالأسعار وبحاجات الأخ المواطن إلى الحد الأدنى, تماماً كما تعصر الغسالة الملابس..
في هذه (الزحمة) من الاستذكار؛ كنت قد وصلت إلى المكان المطلوب.. حملت البرنامج وعدت إلى صاحبنا اللفيف.. راقبته وهو ينقل الأسلاك من البرنامج القديم إلى الجديد، وهنا خطر في بالي انتخابات غرف التجارة والصناعة.. (أسراب) من الصور تملأ الشوارع والساحات.. ابتسامات عريضة وربطات عنق توحي بأفعال جبارة، فيما لو توفر لها ( برنامج )..
أنهى صاحبنا نقل البرنامج، وتمّ تركيبه من جديد، لكنها أصيبت (بزهايمر) شديد اللهجة وبدأت تخربط؛ بدل التنشيف تعصر، وبدل العصر تشطف، وما زالت على هذه الحال حتى كتابة هذه الزاوية.. يبدو أنها تأمل بالاستمتاع بمزيد من البرامج، لكنها لن تصل إلى برنامج انتخاب ملكات الجمال، لأن كارثة ستحصل إذا ما بقيت على هذه الحال!!