ولا في الأحلام!

حوّل المواطنون «طوابيرهم» إلى حفلات, أمام «الكازيات» والأفران والمواد الاستهلاكية، لم يكن هناك من حل سوى مسرحة المعاناة بـ«الأراكيل» ولعب الورق واستقبال الضيوف كي يمضي وقت الانتظار الطويل بسرعة كأن المرء في «سيران» بعدما ندرت «المشاوير» وصارت الرحلات في خبر كان من الناحية المادية والنفسية.. في هذا الأمر نسجل نقطة إيجابية تتعلق بإشاعة جو من الكوميديا في البلد يتم من خلاله الترفيه عن النفس واكتشاف قدرات المواطنين على الصبر واختراع النكتة في عز المعاناة، إلى درجة قال فيها البعض: إنه لا وجود لأزمة في المحروقات أو المواد الاستهلاكية، إنما الأمر مجرد بالون اختبار لاكتشاف المواهب عند أولئك الذين «يبلعون الموس على الحدين!»
استقبل البعض أبناءهم أمام الكازيات، بعدما طال الغياب لساعات طويلة انتظاراً في الدور، والبعض الآخر جاءتهم زوجاتهم بـ«السفرطاسات» كي يتناولوا العشاء بعدما تأكد لهم المبيت أمام المحطة.. حتى لعبة الشطرنج و«الضامة» عادت إلى الانتشار مجدداً من أجل التغلب على الملل، وكان الأطرف بين أولئك من جاء بـ«الدربكة» كي ينشغل بالأغنيات وإقامة «العراضات» كلما بدأ الصبر على النفاد وكلما سولت له نفسه أن يترك الطابور يائساً من البنزين ومن هذا العمر «المعتر».. أما الفئة المثقفة من المنتظرين، فانشغلت بقراءة الكتب المؤجلة من الروايات العالمية, حيث تكفي الساعات الطويلة لإنهاء كتاب ينشط المخيلة لأن ما يجري لا يمكن أن يحدث إلا في الخيال!.
وإذا أضفنا تصريحات المعنيين إلى هذا المشهد التراجيدي الكوميدي في آن، فإن المسلسل يكتمل، لكن من دون حلقة أخيرة، حيث على البطل وهو المواطن هنا، أن يعاني الأمرّين للوصول إلى المحبوبة وهي «تنكة» البنزين أو ربطة الخبز أو سواها.. مسلسل ولا في الأحلام.. يا أحلام.. عرفتوا كيف؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار