الخدمة بصمت
لا يزال بعض نجوم الدراما التلفزيونية يعتقدون أن المسلسلات هي أعمال للترفيه فقط ولا رسالة أخرى لها، ولذلك لا يهتمون بالمقومات الفكرية للمسلسل الذي يشاركون فيه، حيث ينحصر جهدهم في تأدية الشخصية الموكلة إليهم، وإن تم توجيه أي انتقاد لهم في مقالة أو لقاء إذاعي أو تلفزيوني عن مشاركتهم في مسلسل لا يهتم بقضايا مجتمعهم، من قريب ولا من بعيد، يجيب بعضهم دفاعاً عن أنفسهم بصيغة سؤال: أكان الدور متقناً أم لا؟ وكأن السؤال كان يقيّم طريقة تجسيدهم للشخصية! وكأن أيضاً المتعة في نظرهم، لا تتأتى إلا من الناحية الفنية بمجمل عناصرها، والتمثيل أحد تلك العناصر! متغافلين أو متجاهلين أن المتعة الأهم هي التي تتحصّل من الناحية الفكرية والتي بتشابكها مع المقومات الفنية، تترك أثرها في المتلقين، كل حسب درجة تلقيه وتفاعله مع المسلسل. ولعل الأخطر من بين هؤلاء هم الذين تجدهم أمام إغراء المال يقدّمون أعمالاً تناقض أعمالهم السابقة، بل وتكرّس كل ما يعانيه مجتمعنا من ظواهر تخلف على صعيدي العلاقات والتقاليد الاجتماعية وطريقة تفكير، بليت، وبات من المفترض أن تنقرض، لا أن نحييها ونكريسها.
بمعنى أنه لا يزال ثمة نجوم غير مكترثين بهموم ومشاكل مجتمعاتهم. في حين أن الذين يقومون بعملهم بمسؤولية أكبر رغم أنها مهامهم ويتقاضون عليها رواتبهم المقددة؛ هم أبعد الناس عن الأضواء ولا يهتمون إن تم تسليط الضوء على عملهم وإنجازاتهم حتى لو كانت غير تقليدية واعتيادية. وخلاصة القول: إن خدمة المجتمع من قبل أي فرد من هؤلاء تنطلق من النأي عن الاستعراض، بما أُنجز، عبر الأضواء . فثمة عشرات المهن يقوم الأفراد الذين يمتهنونها، كما أشرنا، بتأدية واجبهم فيها نحو المجتمع، وهي أكثر أهمية ربما من بعض ما يقوم به بعض نجوم الدراما، و للذين يخدمون مجتمعهم بصمت ترفع القبّعات بمحبة.