فجأة قهقه أبو سمير بصوت استرعى انتباه من حوله من الموظفين، قائلاً: ( اسمعوا يا زملاء والله وصار فينا نشتري بيت بالمالكي بعد هالعمر, المصرف التجاري يعلن إطلاق قرض شراء عقار سكني أو تجاري جاهز أو على الهيكل بسقف 100 مليون)، أتبعها بالحوقلة والاستغفار, مقترحاً تسميته (عقار التجار), فمن سيستفيد من هذا القرض من الموظفين الذين لا تتجاوز أجورهم 70ألفاً في أحسن حالاتها؟
قبل أسبوعين تقريباً أعلن المصرف التجاري عن إطلاق قرض لتمويل عقار سكني أو تجاري بفائدة 13% على مدار 20 عاماً، هذا الإجراء الذي أعقب قرار استئناف منح القروض التي تم إيقافها بشكل كامل في حزيران الماضي..
حينها طبعاً تم تبرير إيقاف القروض بدراسة المصرف المركزي لضوابط محددة لتحديد أولويات منحها ووصولها بشكل آمن الى العملاء ضمن عملية مدروسة تضمن استفادتهم بشكل حقيقي, حسبما أكده الحاكم و مدير عام مؤسسة ضمان مخاطر القروض، ولكن السؤال: هل (قرض العقار) هذا يضمن استفادة العملاء حقاً خاصة أن قيمة ما سيتم دفعه على مدار 20 عاماً ستصل الى 240 مليوناً مع الفائدة، أي بما قيمته مليون و83 ألف ليرة شهرياً, أي إن الشريحة المستفيدة من هذا القرض لاتتعدى 2% فقط، أو ربما هو مجرد فنتازيا إعلامية, هدفها إظهار قوة المصارف وقدرتها على الإقراض فقط.
إيقاف منح القروض الذي صدر مؤخراً ربما كان قراراً اقتصادياً سليماً لضبط عمليات المضاربة بالليرة، ولا سيما بعد أن تخطى سعر الصرف في تلك الفترة 3 آلاف ليرة.
لكن العجيب في الأمر أنه ما الحدث الجديد الذي حصل منذ 3 أشهر الى الآن حتى تعود القروض من جديد، ولا يزال المضاربون بالعملة يتصيدون الأوقات ليتلاعبوا بسعر الصرف، ثم من سيقوم من المواطنين مثلاً باقتراض 100 مليون ليرة سوى فئة معروفة (التجار) الذين سيعمدون حتماً لتحويل القروض الى عملة صعبة والمتاجرة بها وإجراء عمليات المضاربة بدل استثمارها، وهذا سيعني ارتفاع أسعار الصرف؟.
والسؤال الذي يفرض نفسه: ما المعطيات التي افترضها البنك المركزي لعودة الإقراض، وهل توجد لجنة مختصة في كل بنك تقوم بدراسة الجدوى من القرض قبل إصداره, أم إن الأمر مقصود للإضرار بالاقتصاد وتخريبه ليس أكثر؟