(مستشفى الأمراض العقلية) في مصر اسمها «السرايا الصفرا» وفي سورية ولبنان (العصفورية) وفي العراق اسمها (الشماعية) ولكل اسم حكاية ورواية والبطل فيها مبنى إسمنتي فيه كادر طبي ومرضى, يطوقه سور عظيم بعيون الجميع الداخل إليه والقاطن فيه…
والسينما العربية ساهمت و«كترت» في تشكيل ثقافة سلبية عن ذاك المكان وصار «المريول» الأبيض بالأكمام المقلوبة القاسم المشترك في كل الأفلام لطريقة التعامل مع المريض الموثق والمكبل بـ«الروب» الأبيض، ومن فيلم «أين عقلي» و«خلي بالك من عقلك» ، وفيلم «اللعنة والهروب من الخانكة»..كان الأجمل من كل هذه السيناريوهات، قصة طريفة في الستينيات, ويقولون: إنها حدثت بالفعل في مستشفى الأمراض العقلية في مصر, والقصة تقول: إنه نتيجة لإهمال ما, تمّ هروب أكثر من ٢٠٠ نزيل وتفرقوا بساحة العباسية وشوارعها المحيطة بها, ووقت وصل الخبر لمدير المستشفى على السريع لم يجمع الأطباء ولا الإداريين ولا استعان بمستشارين ولا حتى حمل عصا ولوح فيها بعقوبة «ستطوووول» الجميع، وإنما طلب الصفارة التي كانوا يستخدمونها في تعاملاتهم مع المرضى وجمع تسعة أو عشرة ممرضين وجعلهم يمسكون به من الخلف وراء بعضهم بعضاً على شكل قطار وخرجوا لساحة العباسية يطوفون شوارعها؛ الطبيب يصفر والممرضون بصوت واحد يقولون «توووت توووت..» وبالفعل اصطاد الطبيب مرضاه وماتوقعه حصل : كل مجنون هارب ركب معه في القطار الذي عاد أدراجه ودخل باب المشفى بسوره العظيم من دون أي مشاكل تذكر…وحالة الفرح والانبساط عمت في المشفى؛ أطباء وممرضين وعمالاً وفنيين, الجميع يهنئ ويبارك بحل مشكلة المشاكل بقدرة ونباهة الطبيب العبقري وتعاون موظفيه وثقة مجانينه فيه ..
إلى أن حل المساء وحان وقت التفقد وإحصاء الغياب!!
وهنا كانت المفاجأة, حيث تبين أن عدد الواصلين برحلة القطار أكثر من ٦٠٠ مجنون، أي إن نسبة الزائد من الركاب تعدت الضعف بـ«العشرااات»، صفارة وكلمتان جمعت أيام «الأبيض والأسود» المئات في عصفورية أيام زمان ووجع وتعب وشقاء أيام زمان، فما بالكم لو استعانوا بها بـ«الملون» من أيامنا؟؟