متصيّدو الأزمات
ما إن ظهرت – خلال اليومين الفائتين – أحاديث حول إمكانية زيادة مرتقبة على الرواتب والأجور حتى استعد التجار للانقضاض عليها قبل أن يصدر قرار رسمي بها وقبل أن تصل إلى جيوب الموظفين أصلاً .
فبين ليلة وضحاها تضاعفت الأسعار واستعرت وقفزت ارتفاعاً وبشكل جنوني إلى مستويات غير مسبوقة أكثر مما هي مستعرة ,حتى بات العجز والعوز والفاقة عنواناً لحياة المواطنين الذين باتوا ينوءون تحت أحمال وأعباء معيشية تعجز عن حملها الجبال ولا سيما مع تراجع القدرة الشرائية -والأصح انعدامها- عند أغلب شرائح المجتمع الذين قد لا يبالغ المرء حين يقول إنهم: يكابدون للبقاء على قيد الحياة .ليس هذا فحسب بل جاء قرار إعادة افتتاح معبر نصيب بين سورية والأردن لتخرج سيارات محملة بأنواع الخضار والفواكه في أوان يتزامن مع أواخر موسمها وبالتوازي مع أزمة بنزين خانقة ليجدها بعض التجار أيضاً مسوّغاً جديداً لزيادة استغلالهم للمواطنين .وطبعاً هم بالأساس لا تنقصهم الخبرة في معرفة من أين تؤكل الكتف ,فيتذرعون تارة بقلة المعروض في الأسواق وتارة أخرى بالحصار الاقتصادي وارتفاع أجور النقل وغيرها الكثير من الذرائع التي لم تعد تخفى على أحد .علماً أن هذا الارتفاع لم يقتصر على مواد محددة بل طال كل المستلزمات وبنسب لا يتحملها عقل، على الرغم أن الكثير منها من إنتاجنا المحلي وكل ذلك وسط ضعف أو انعدام الرقابة من الجهات التي يفترض أن الغرض من وجودها حماية المستهلك من الاستغلال إلا أن سباتها وصمتها جعل بعض التجار يستشرسون في فرض ما يريدونه من أسعار مطمئنين أنه لا رادع لهم وقد يكون لهم شركاء من بعض الجهات المعنية أصلاً .
إن كان الحديث عن زيادة الرواتب صحيحاً من عدمه فقد بتنا بحاجة إلى استفاقة حقيقية قولاً و فعلاً من الجهات صاحبة القرار بأن توقف مهزلة الاستغلال الحاصلة لمواطن أصبح لاحول له ولا قوة . كما باتت الحاجة ماسة لأن تسري القوانين والحساب على الكبير قبل الصغير لنضمن عدم تجرؤ أحد على تجاوزها والاستخفاف بها . وعندها نقتنع فعلاً بتغير مقولة (يا فرعون من فرعنك) عن واقعنا , فهل سنجد إجراءات فاعلة في هذا المنحى لتحقيق خطوات إيجابية بالفعل تحسب للحكومة في بداية عملها وتسجل لها ؟! … سنبقى على الأمل ..