في الرواتب والأجور..
مرة جديدة برز الحديث عن زيادة متوقعة ستطول الرواتب والأجور المتهالكة . ومثل هذه الأحاديث تطرب آذان الكثيرين ،ألا أنهم للأسف ينسون مساوئها لما ستطوله من تداعيات أشد خطراً على أسعار السلع ومستلزمات المعيشة والخدمات ككل ، إذ عندها تتبخر أي زيادة ولم يعد لها أي طعم أو وزن يذكر .
سعادة وزير الاقتصاد انبرى بقوله قبل مدة داعياً إلى تحقيق الزيادة ،وهذا قول حق يدل على أنه تحسّس وجع الناس ،ولكن لم يُدلِ ويقول لنا كيف ستتم الزيادة .ومن أين مواردها وكيف ستغطى ، وما هي مساهمة وزارته في الحد من تلاعبات إجازات الاستيراد ودعم التصدير ..؟! وكيف و كيف .. ؟. وتبعه رئيس الحكومة بتصريحه : إنها قادمة قولاً وفعلاً ، وهذا أيضاً محل تفاؤل وإحساس بآلام البشر الذين لم تعد تفيد معهم أي أدوية ومسكنات حكومية ..!
جميل أيها السادة أن تتحدث الحكومة بين الحين والآخر عن الزيادات بعد أن أصبح الواقع كابوساً حقيقياً ، ولاسيما أن كل شي زاد سعره وغلا ثمنه . لكن لماذا لا ترفق حديثها عن الزيادة في الأجور مع كيفية توجيهها الوجهة السليمة لكي تصل كما هي ، مع التخفيف الحقيقي من تراكمات الضرائب والرسوم وغيرها؟!
إذا كانت الحكومة جادة وبيدها زمام الزيادة فعليها الابتعاد عن لغة التطمين وخلق الأجواء المريحة ، فالواقع هش وفظيع ،والجميع مع كبح الغلاء وتحقيق الزيادة في الأجور ،وهذا يتطلب الإنتاجية والفاعلية في معظم أجهزة الدولة التي يضرب بعضها فيروسات وبكتيريا الفساد الإداري من كل جهة . فعندما تسأل مسؤولًا أو وزيراً عن ضعف الإنتاجية والفاعلية المطلوبة من مؤسسات وشركات يبدؤون بسيل من الذرائع الواهية وتسطير مذكرات الكذب لتغطية فسادهم ومنافذ ” لطشهم ” ، فمع شديد الأسف هناك إدارات كأنها تحولت إلى ما يشبه المزارع الخاصة لبعض المسؤولين ،كلمتهم هي الفيصل ،يعينون ويستنفعون وينفعون من يرون فيه باباً لتحقيق مآرب ضيقة أو منافع فردية وفوق كل ذلك يتحدثون عن الفاعلية ..!!
تتحقق أي زيادة على الرواتب وتلقى طريقها للنجاح عندما يكون الإنتاج والفاعلية عند الشركات المنتجة في أعلى مستوياتهما ،وكذلك مع سن إجراءات أكثر صرامة لردع المتطاولين الناهبين للقمة العباد ،مع التخفيف من الضرائب المفروضة وبنسب عالية, فهي لم تعد منطقية في ظروف هكذا . فبالإنتاج وتصحيح قنوات العمل وتقليل الهدر والمحاسبة تكتمل فصول العملية ،وتتحقق المعادلة الصح ،لا أن تحصل الزيادة ونغرق بمتاهات التضخم وسرقتها من قبل شريحة تلعب بأسواقنا ,فقدت ضمائرها ولم يعد لها سوى كيف أحقق المزيد ،أمام فشل كارثي لتدخل الجهات المختصة..!