“دير بالك تشتغل موظف حكومي، افتح بسطة جرابات اربحلك”، لوحة من مسلسل “بقعة ضوء” باتت تحاكي الواقع المعيشي للموظف، لا بل ليس فقط بائع الجوارب من بات أفضل حالاً من الموظف بل “الباطنجي” و مسلك البالوعات وجميع الحرف على اختلافها، فجميع المهن زادت بطريقة او بأخرى من أجرة يدها، والمواطن الغلبان لا يزال يعيش على راتبه الذي لا يتجاوز في أحسن حالاته 50 ألف ليرة، في حين أن تكاليف المعيشة للأسرة يفوقه بأضعاف أي إنه باختصار شديد “غير الله “لا أحد يعلم كيف يعيش الموظف وبعدها يأتي أحدهم ليسأل هل باتت زيادة الأجور ضرورة، نقول لمن يسأل لم تعد ضرورة بل أمراً واجباً ومع ذلك كلما راجت شائعة عن حصول زيادة رواتب قريبة يتوضأ المواطنون باللبن فكل شيء سيرتفع بمجرد حصولها.
منذ شهرين تقريباً صرح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سامر الخليل، أنه لا بد من زيادة الرواتب والأجور، نظراً لما يتعرض له الشارع السوري من أزمات خانقة، واليوم وقد بقي في الحكومة الجديدة هل لا يزال يذكر أن المواطن يقاسي ضنك العيش.
لسنا مختلفين على التعجيل في زيادة الرواتب ولكن كيف يمكن أن تكون تلك الزيادة وما الطريقة الأجدى للمس تلك الزيادة على أرض الواقع؟ يؤكد أغلب الباحثين الاقتصاديين ألا تكون الزيادة على الطريقة التقليدية الروتينية التي تتضمن زيادة نسبة على الراتب المقطوع فهذه الطريقة لا تجدي نفعاً ولها آثار سلبية أولها أنها تخضع للضريبة وصناديق الضمان والتأمين فوراً وهي تظهر إلى العلن ولا سيما التجار “زادوا الرواتب” فتنعكس مباشرة بشكل زيادة في الأسعار بحكم جشع التجار، كما يمكن أن تحدث حالة تضخمية نتيجة الأثر النفسي لدى التجار، ناهيك عن أنها تؤثر بزيادة سقف الإنفاق العام بشكل مباشر من الموازنة فهي تحتاج إلى إيراد مباشر من الضرائب والرسوم أو التمويل بالعجز.
الأجدى أن تكون الزيادة عن طريق تعليق الضرائب للحد الأدنى للأجور أو الإعفاء من الضريبة لمدة 3 سنوات على الأقل، وما زاد عن الحد الأدنى يخضع للضريبة ابتداء من 5% كما هو معمول به في القانون، إضافة إلى تعديل التعويضات على الرواتب والأجور على أساس الأجر الحالي بتاريخ استحقاقه، وتعليق اشتراكات الصناديق النقابية والتأمينات الاجتماعية لمدة 3 سنوات على الأقل على أن تقوم وزارة المالية بتسديد الاشتراكات إن لزم الأمر من الموازنة العامة، وتعديل نظام المكافآت والحوافز الإنتاجية وربطه بالإنتاج والسلوك الوظيفي، وإعادة وضع بند الغلاء المعيشي على ألا يكون من أصل الراتب وزيادته إلى مبلغ 35 ألف ليرة على الأقل، ناهيك بتعديل نسبة الترفيعات الدورية من 9% إلى 12% للقائمين على رأس عملهم.
وهكذا فإن زيادة الراتب ربما تلوح بالأفق، بحسب تأملات الموظف الحكومي، فهل ستكون بمثابة مفاجأة من الحكومة الجديدة لأنه حتى جملة زهرية في مسلسل الخوالي “فتش قلبي من الفتوش” لم يعد المواطن يتلفظ بها في ظل ارتفاع سعر مكوناته ومنها الخيار الذي وصل سعر الكيلو إلى 700 ليرة.