مطبات فنيّة
صدرت عن المعهد العالي للفنون المسرحية -قبل أيام- قوائم بأسماء الطلاب المقبولين في أقسامه الخمسة للعام الدراسي الحالي، ولم يمضِ وقت طويل حتى صدرت تباعاً نتائج المقبولين في المعهد العالي للموسيقا في السنتين التحضيرية والأولى، يُضاف إليهم من أصبحوا طلاباً في كلية الفنون الجميلة، والكل يستعد للدراسة والتدريب ضمن مُحترفَات وقاعات وورشات، ليكونوا لاحقاً جزءاً فاعلاً في مشهد ثقافي، تتزاحم فيه الأسماء والتجارب والتيارات، فيُخطئون ويتعلمون ويرفدون المجتمع بأفكار ومواهب وأساليب جديدة، لكن للأسف هذا لا يعدو كونه «حلماً» معظم الوقت، يتكلم عنه الجميع من دون أن يجد له مكاناً في الواقع.
هكذا تدور الأسماء الشابة في حلقة مفرغة- تحديداً- حين يتعلق الأمر بالاختصاصات والفروع الإبداعية، فمنذ تأسيس كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 1960 وحتى وقتنا الحالي، وفي رصيدها آلاف الاختصاصيين في (الرسم والتصوير، النحت، الحفر المطبوع، الاتصالات البصرية، العمارة الداخلية)، إلى جانب زملائهم في المسرح والموسيقا من (عازفين، ممثلين، راقصين، مصممين، وما إلى ذلك)، يُضاف إليهم منذ أعوام خريجو دبلوم العلوم السينمائية وفنونها، لكن أين هؤلاء اليوم، وما الفرص المتاحة أمامهم للعمل وإثبات الموهبة؟. لا شك في أن البعض يتمكن من تحقيق إنجاز ما، لكن البقية -وهم موهوبون أيضاً- ربما لا يجدون فرصة أو دعماً أو تبنياً من أيّ جهة، لينتهي الأمر بهم بالسفر أو ممارسة عمل ما يضمن لهم دخلاً في هذه الظروف الصعبة، بعيداً عما كانوا يحلمون به ولا سيما حين لا يملكون خطة مسبقة أو «معارف» وأصدقاء يأخذون بأيديهم.
ولو اتجه الخريجون نحو الدراسات العليا بوصفها خياراً يحظى بتأييد الأغلبية ومهرباً من مواجهات مُؤجلة، فالنتيجة واحدة، الطريق طويل والمطبات كثيرة، والدعم في أحسن أحواله، قصير الأمد وغير متساوٍ، والحاجة تزداد لمؤسسات وجهات خاصة، في «السينما والمسرح والتشكيل والموسيقا»، تُتيح التنوع بمختلف أشكاله وتستوعب مواهب وإمكانات، يُمكن لها تغيير المشهد القائم كُليّاً، في ساحات المدن وصالات العرض والكتابات النقدية، والفرق الموسيقية، والكثير مما بات مملاً وخالياً من الدهشة والشغف، وهما أكثر ما نحتاجه هذه الأيام.