أعرف خصمك!
في ثمانينيات القرن الماضي وبعد طول منافسة بين كاسباروف وتوبالوف في لعبة الشطرنج، استقرت بطولة العالم للأول، فانتقل كاسباروف في التسعينيات ليلاعب«الكمبيوتر».
كان لكلمة «الكمبيوتر» وقع هائل، وكانت تستخدم على أنها العقل المطلق الذي لا يهزم، لدرجة أن البشرية هللت لانتصار كاسباروف على هذه الآلة في عام ١٩٩٦، لم نكن نعلم أن هذه الآلة ليست إلا خيارات وبرمجيات بشرية قابلة للخطأ، وربما علم ذلك كاسباروف، فسعى إلى البحث عن خصم آخر أكثر اكتمالاً أو جاهزية، ووجد ضالته في «العالم» على شبكة الإنترنت، تحدى العالم بأجمعه، وغلبه يومها، ويومها قال له مدربه: عليك أن تحزن قليلاً، فأفضل يوم في حياتك، قد مر لتوه!.
هل هذه هي خلاصة الخصومة، الزمن؟ ففي كل المناسبات التي جرت وتجري على هذه الأرض،- بغض النظر إن كان على هذه الأرض ما يستحق الحياة أو يسحق الحياة-، كان الفريقان المتنافسان يدرسان بعضهما، يدرسان نقاط القوة، الضعف، ويعدان العدة لتحقيق الفوز أو على الأقل تجنب الخسارة، ولذلك تكون لكل مواجهة استعداد خاص، وربما تشكيلة خاصة، على صعيد مكوناتها أو توزيعها، وذلك من أكثر الأمور خطورة، إلى أكثر الأمور لهواً. كما في الحروب كذلك في الألعاب، هذا ما جرى ويجري في أحوال البشر، لكن!، ماذا لو كان الخصم غير بشري؟!.
كاسباروف لن يستطيع إيقاف الزمن، وتثبيته على تلك اللحظة، أو ذلك اليوم!. وربما لأجل ذلك ابتكر الإنسان التاريخ!،
لكن، ماذا لو كان التاريخ هو الخصم!؟
ماذا لو عاد سدنة الهيكل، الذين ظنوا أنهم قتلوا المسيح وصلبوه، لو عادوا اليوم وقد علموا أن التاريخ هو خصمهم، عادوا فوجدوا أن تعاليم المسيح تملأ المعمورة كلها، وأنهم حقاً «ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم»!.
هل كانوا سيعلنون الحق، لأن الحق انتصر، والحق انتصار على الباطل في معركة إنسانية، وأن انتصاره شرط لمعرفته، وأن انتصاره لا يكون إلا بالحرية، وأن الحق لا ينفرد فيه فرد ولا يستقل به عدد، ولا يموت بموت الفرد، ولا يفنى بفناء العدد، بل يمتد بلا حدود وفي تعاقب الأجيال؟.