التطبيع إلى العلن فقط!

لم يفاجأ أحد كثيراً بإعلانات التطبيع العربية مع “إسرائيل”، ولكن لا يعني ذلك عدم خطورة الحدث، بل لأن خطورته كانت كامنة في الرسالة الضمنية التي كان يحملها خبر التطبيع، وهي أن الهدف الأكبر والأهم للكيان الإسرائيلي هو السعودية، وأنها صارت قاب قوسين أو أدنى من السير على الطريق نفسه، وأن المسألة باتت مسألة وقت، بل أكثر من ذلك أن كل ما حصل تم بمباركة من النظام السعودي .
لم يفاجأ أحد لخبر البحرين لاعتبار مهم، وربما كان وحيداً أيضًا، وهو أن سياسات البحرين الخارجية غالباً تكون انعكاساً لتوجهات السياسة الخارجية السعودية؛ فليست المرة الأولى التي تتصدر البحرين أي مشهد سياسي تكون للسعودية صلة به، فالمشاهد كثيرة.
ولعل ما ذكرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في تقرير لها مؤخراً بقولها إنه عندما زار مستشار ترامب جاريد كوشنر البحرين مؤخراً، وإشارة ملك البحرين إلى أن المنامة لن توقّع على اتفاق إلا بالتنسيق مع السعودية؛ يشير إلى تطابق الرؤى والسياسات بين السعودية والبحرين.
لكن السؤال الذي ربما يدور في أذهان كثيرين هو: ما الذي دعا البحرين لمثل هذه الخطوة؟ وما حاجتها لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”؟
في الإجابة يمكن القول: إن النظام السعودي له اليد الطولى الفاعلة، كونه اليد الأميركيّة الفاعلة في هذا الملف.
ويصر مسؤولون أمريكيون وفق معطيات قد تكون بحوزتهم على أن إقامة علاقات طبيعية بين النظام السعودي و”إسرائيل” أمر حتمي بعد الاتفاقات التي تمت.
ويعتقد جاريد كوشنر المستشار في البيت الأبيض والمكلف من الرئيس الأمريكي بما يسمى “مبادرة السلام ” في الشرق الأوسط “صفقة القرن” أن الرياض وتل أبيب ستفعلان “أشياء عظيمة معاً، وستصب في صالح اقتصاد ودفاع المملكة، وستساهم في الحد من قوة إيران في المنطقة”.
وفي حديث له مع إحدى المجلات الأمريكية في 26 آب الماضي تحدث كوشنر عن أن اتفاقاً مماثلاً بين “إسرائيل” والكثير من دول الخليج الأخرى، بما فيها السعودية هو أمر حتمي، وأضاف: “إن السؤال يبقى عن الإطار الزمني للقيام بذلك”.
بطبيعة الحال، إنَّ عمليات التطبيع هذه، والتي تمَّ تضخيمها لإرضاء اللوبي اليهودي المُؤثر في الانتخابات الأميركية، لا تحمل الكثير من التأثير، لأنَّ هذه الدول مُطبّعة منذ زمن بعيد، وما حصل وسيحصل ليس سوى إعلان لهذا التطبيع.
وهنا يتأكَّد أنَّ الهدف الأول لما يسمى “الربيع العربي” كان بهدف جعل سورية “بحلة جديدة تقود إلى التطبيع” ولو نجحت الولايات المتَّحدة ووكلاؤها الإرهابيون في ذلك، لما كان هناك أيّ قيمة لتطبيع مشيخات ودويلات لا يُسمن تطبيعُها ولا يُغني.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار