طريق النص التلفزيوني إلى الإنتاج (1)
لطالما يشكو لنا كثيرون من كتّاب الدراما الجدد أن نصهم التلفزيوني الجديد لا يلقى ترحيباً من شركات الإنتاج، والبعض لا يتردد في مدح نصه وقوته مستغرباً ألا يقدم المنتجون على اقتنائه، وهو يرد ذلك إلى أن شركات الإنتاج تدير ظهرها للكتّاب الشباب.
في الحقيقة ثمة تقصير حقيقي من شركات الإنتاج بالبحث عن الكتّاب الجدد، فإذا ما أضفنا الآليات العشوائية التي تعمل وفقها هذه الشركات، وطبيعة العقليات التي تديرها، تصير شكوى هؤلاء الشباب محقة، غير أن ذلك لا يعني أنهم لا يتحملون جزءاً من وزر هذا التجاهل لنصوصهم، إذ لا بد لأي نص مسلسل تلفزيوني أن يتميز بجملة من العوامل التي تجعل طريقه للإنتاج أسهل.
بالنسبة لنا لا نملك القدرة على تغيير عقليات شركات الإنتاج وأساليب اختيارها، ولكننا نعرف كيف تختار مؤسسات إنتاجية كبيرة مثل«هوليوود» نصوصها، وذلك وفق معايير ومبادئ أساسية نرى أنه يجب على كاتب السيناريو الفني التلفزيوني أخذها بعين الاعتبار، حتى لو كان مضطراً للتعامل مع شركات إنتاج تدار بعقليات (سوق الهال).
في حلقات متسلسلة، سأحاول تناول تلك المبادئ التي تجعل نص الكاتب التلفزيوني الجديد أسرع إلى الإنتاج، وذلك ابتداء من الحديث عن«المفهوم الأساسي» لحكاية العمل الفني، أي فكرته الرئيسية، والتي يتفق جميع العاملين في صناعة الدراما على أنه المبدأ- الملك، الذي يحكم خيار صانعي السينما والتلفزيون بمن فيهم أصحاب الخيال التجاري وحسابات «البزنس».
يجب إيجاز«المفهوم الأساسي» في جملتين أو ثلاث لا أكثر، تكون مثيرة للاهتمام بطبيعتها، قادرة على بناء حياة مقنعة تحفل بالشخصيات والأحداث، وتملك الأساس الغني لتقدم الحبكة وقرارات الشخصية، وتملك بالمقابل الإغراء الكافي لكي يدفع المنتج ، يدفع المعلنون ، يدفع المشاهد لكي يرى العمل.
بالتأكيد ليست بالمهمة السهلة أن توفر جملتين أو ثلاثاً ذلك الغنى الذي حددناه، ولكن إذا حصل وفعلنا ذلك، فذلك يعني أننا في بداية الطريق الأسرع للإنتاج، الأمر الذي يجعلنا نؤكد على عدم التساهل في كتابة هاتين الجملتين، ولاسيما أنني أجد أنهما الأقل اهتماماً في دائرة كتّاب السيناريو.
شخصياً أفقد حماستي لقراءة مسلسل تلفزيوني، في كثير من الأحيان، حين يخبرني صاحبه عن فكرته الرئيسية، أنه يسوق ملخص لحكاية، بكلمات غير محسوبة، ناسياً أن أولى مهامه هنا إثارة اهتمامي بالقصة أكثر من لفت نظري إلى براعة القص فيها.
باختصار: عزيزي كاتب الدراما؛ من النادر أن يكون المفهوم «غنياً»، ولكنه الأساس، وليكون كذلك امنحه الوقت والجهد الكافيين لصناعة فرضيته، إنه نقطة التأثير الأساسية التي ستقبض فيها على اهتمام منتجك، فيجب أن تضعه على رأس أولوياتك.
وللحديث بقية..