يبدو أنه لا مفرّ من الحديث عن النساء، فالجميع يتحدثون عن عظمة المرأة وضرورة احترامها وأنها «نصف المجتمع» وأنّ «وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة» وأنّه «إذا أردت أن تعرف رقيّ مجتمعٍ ما فانظرْ إلى نسائه»… لكن قلّة قليلة مَنْ يفعلون ما يؤكد هذه الشعارات أو هذه المقولات «الكليشيهات» التي حفروها في عقولنا منذ نعومة «مخالبنا».. عفواً أظفارنا لكن من دون أن يجمّلوها بالأفعال الواقعية بل على كل العكس وبالتنافر مع التاريخ في احترام النساء يقاوم الكثيرون كل من يأخذ بيدهم نحو التغيير الأجمل والأفضل ويسخرون من النساء ويتنمّرون عليهِنَّ كأنهُنَّ سببُ كل الحروب والمجاعات والأزمات الاقتصادية وانعدام الحبّ وفقدان الأمل.
فهناك يا أحبّة فرقٌ جوهريٌّ بين قصيدةٍ عن وجع النساء والوجع ذاته، بين خطابٍ بطول صفحتين عن آلام الولادة؛ والألمِ المنقوشِ على أجسادهنّ كالوشم، بين صورة امرأة في القصيدة/الحُلم، وفي الأناشيد المدرسية، وبين معاناة امرأةٍ تبيعُ من عمرها لتطعم أولادها.
البارحة حدّثتني صديقة كيف ردّ أحدُ المعنيين على مجادلتها له وطلبها المُحقّ بأن يحلّوا أزمة المياه المزمنة في صحنايا بقوله: «يا ريت يحكي معي زوجك أو أخوك أو شي زلمة… أنا ما بحكي مع نسوان يا اختي».
واليوم وأنا في الطريق إلى الجريدة لم تسلمْ صبية -عاندتْ قدرها الشقيّ وغالبتْ زمنها العاطل لتعمل «شوفيرة سرفيس على خط صحنايا»- من «التلطيشات» المؤذية والتعليقات المخجلة والصفير من بعض «شوفيرية الخط» رغم كل محاولاتها الجادة والواضحة لتخفّف من «تهمة أنوثتها» فتخفّت بطاقية وكمّامة وثياب سوداء رغم حرارة «جهنم الحمرا» التي نعيشها.
لكنْ لعلّ طرفةً مرِحة خفّفت من رداءة المشهد الواقعي، إذ قالَ لها: «النساءُ هُنَّ الدّواهي والدّوا هُنَّ/لا طِيبَ للعيش بِلا هُنَّ والبَلا هُنَّ»، فردّت عليه بمكر: «والرجالُ هُمُ المَرْهَمُ والمُرّ هُمُ/ لا طِيبَ للعيش بِلاهُمُ والبَلا هُمُ».