لاشك في أن الجولة الثالثة من اجتماعات لجنة مناقشة الدستور والتي اختتمت أعمالها مساء السبت الماضي، قد جددت الحديث والمداولات بشأن المسار السياسي بحوار سوري- سوري، وبملكية حصرية بقيادة سورية، وهو ما يؤكد مجدداً أن الحل الناجح والمثمر هو الحل الذي ينطلق من مبدأ احترام سيادة ووحدة واستقلال أراضي الجمهورية العربية السورية، ومكافحة ورفض الإرهاب.
ومن هنا تمسك الوفد الوطني ضمن جدول الأعمال بضرورة تحديد المبادئ الوطنية الأساسية قبل البحث والحديث عن المبادئ الدستورية. وفي إطار المبادئ الوطنية تم طرح نقطتين مفصليتين وهما الهوية الوطنية، والتنوع الثقافي كمبدأين أساسين، إلا أن وفد “المعارضة” مارس دوراً تعطيلياً للحيلولة دون التوصل إلى توافق عليهما وذلك عبر تقديم طروحات غير ذات صلة بمحددات هذين المبدأين، وهذه النتيجة لا يمكن اعتبارها واقعاً قائماً إلا بعد معرفة ما جرى بالفعل وبكل موضوعية في اللقاء الذي تم بين وفد “المعارضة” و”المبعوث الأمريكي” جيمس جيفري في جنيف والذي حط في جنيف قبل يومين من وصول الوفود بانتظار وفد “المعارضة”.
نقول ذلك من أجل التوضيح أن الأجندات الخارجية والشروط والإملاءات والتوجيهات التي تتضمنها هذه الأجندات حالت دون التوصل إلى توافق أو اتفاق حول المبادئ الوطنية التي من دونها لا يمكن تأمين أرضية مشتركة، وخاصة أنه لا يمكن الدخول في العملية الثانية وهي المبادئ الدستورية من دون الوصول إلى المشتركات الوطنية الأساسية، ولا يمكن بالتالي بناء دستور وهو ما يمس مستقبل سورية.
ولدى التدقيق في التصريحات التي أدلى بها المبعوث الأممي غير بيدرسون ندرك ماذا وراء إعلانه أن الجولة الجديدة من اجتماعات لجنة مناقشة الدستور “يحتاج تحديد موعدها إلى مشاورات”, قال ذلك وهو يحاول أن يمد جسراً يشوبه التفاؤل من أنه “قد بدأنا نحرز بعض التقدم” من دون الإدلاء بمعطيات عن “تفاصيل ما تم الاتفاق عليه أو التي لم يتم الاتفاق عليها”.
باختصار شديد.. إن ما عجزت الولايات المتحدة أن تأخذه بفرض الحرب الإرهابية على سورية في الميدان، لن تتمكن من أخذه عبر محاولات اللعب على المسار السياسي، وخاصة أن التصدي لهذه الحرب قد أنتج انتصارات نوعية ومتميزة للجيش العربي السوري في مواجهة الإرهاب وأدواته وداعميه بما فيهم المايسترو الأمريكي لهذه الحرب المجنونة والظالمة والمتغولة على الشعب العربي السوري الذي لم ولن يستسلم للشروط الأمريكية وتدخلاتها، لأنه يمتلك -وثبت ذلك بالمطلق- إرادة الصمود والمقاومة والنص.