نسمع قصصاً كثيرة عن مؤجّرٍ لئيم شديد البخل مثل التاجر اليهودي «شايلوك» في مسرحية شكسبير «تاجر البندقية», كما نعرف زوجة المؤجّر اللئيمة التي تشبه الساحرة «الشمطاء» في حكايات الأطفال، هذان من يجعلان مدة العقد ستة شهور فقط، ثم يرميان المستأجرين المنحوسين بين فكّي الغول؛ فإما يطالبانهم بزيادة مخيفة فيرضخون مقهورين ويضطرون لتجديد العقد والركض من مخفر إلى بلدية، إلى مختار ومجلس محافظة أو فليرحلوا عنه إلى وادي الضباع هناك, حيث تبدأ رحلة الشقاء والترحيل و«التعزيل» والترجّي وطلب المساعدة مثل الشحاذين.
هل عرفتم الآن ما هو أبشع من الإمبريالية!؟ نعم. إنهم مؤجّرو البيوت الجشعون وشركاؤهم السماسرة الذين لديهم أخلاق المنشار «بياكلوا ع الطالع والنازل» من دون رحمة بالعباد وما يصيبهم من جلطات وانفجارات في المرارة و«الزايدة» كلما سمعوا بأن أجرة بيت متواضع أو شقة صغيرة غير مفروشة, في إحدى ضواحي العاصمة أو في عشوائياتها المتكاثرة كالعلق على جسد المدينة, تتراوح بين خمسين إلى خمسة وسبعين ألف ليرة, يشهقون ليل نهار لتأمينها ولكنهم لا يلحقون نصف ذاك المبلغ الكارثيّ.
ونسأل: أما من حلول مقبولة عند أصحاب الحلّ والربط تُمسِّدُ تعب الناس الذين في كثير من الأحيان وكلما تمّ «تقليعهم» وهمّوا بالرحيل عن بيتهم الوهمي الجديد، لا تبقى لهم إلا الذكريات التي يغلّفونها ببطانيات المساعدات و«شوادر» الإغاثة؟
أما آن لأصحاب المعالي أن ينفّذوا مشاريع إسكان شعبية مقبولة الأسعار أو على الأقل وضع معايير محددة لأجرة البيوت بما لا يُضيّع حقَّ «الديب» المالك ولا يُفني «غنمَ» المستأجرين مكسوري الخواطر والقلوب؟ «اللهم لا تكسر بخاطر مخلوق يا رب»!