العدالة في المتاح
ضعف الإمكانات المتاحة في مختلف المجالات بعد سنوات الحرب العجاف والحصار بات بمنزلة عنوان فضفاض تنضوي تحته الكثير من جوانب التقصير والإهمال خدمياً أو معيشياً، والخاسر الأكبر جراء ذلك هو المواطن الذي يقاسي الأمرين من تردي مستوى حياته وخاصةً في ظل رمادية الأفق التي تبدد الأمل بقرب حدوث انفراجه تنتشله من حالة الإحباط التي تتملكه.
تطرح في الكثير من الفعاليات والاجتماعات مطالب للنهوض بالواقع الخدمي والمعيشي لكن دون أي تطمينات باحتمال تلبيتها على المدى القريب ولو جزئياً .. بل تجد الرد بمعزوفة محدودية الموارد المتاحة.
وبات تكرار المطالب وكأنه جري وراء سراب.
إن محدودية الإمكانات تعد أمراً مبهماً بالنسبة لعامة الناس، وفي ظل استمرار ضعف الشفافية بطرح مؤشراتها وأرقامها الحقيقية على الملأ ستبقى بنظر المواطن مسوغات غير مقنعة وبمنزلة المشجب الذي تعلق عليه الجهات المعنية عجزها عن تأمين متطلبات الحياة الأساسية.
السؤال الذي يدور في خَلد الكثيرين: هل تدار الإمكانات المتاحة بشكل يحقق العدالة في توزيعها؟ وعلى هذا الصعيد تبرز مجموعة من الأمثلة، منها أن الإدارة المحلية تتحدث عن ضيق الإمكانات لكنها لا تعلن عن كيفية ومعايير توزيع المتاح منها بين المحافظات أو بين مدن وبلدات المحافظة الواحدة، كذلك تشير جهات الكهرباء إلى أن إمكانات التوليد محدودة، لكن لا يعلم المواطن بالكميات الموزعة على المحافظات وأسسها المقنعة، كما أن مياه الشرب المتاحة قد تكون قليلة لكن تجد على مستوى المدينة أو البلدة سوء عدالة في توزيعها، فأحياء تطوف بها بينما أخرى محرومة تلهث وراء الصهاريج الخاصة، كذلك المحروقات حيث يستلم البعض كل 30 أو 40 يوماً أسطوانة غاز وآخرون منذ قرابةة الشهرين لم يستلموا، أيضاً مازوت التدفئة فأحياء استلمت الدفعتين خلال الشتاء الفائت بينما أخرى لم تستلم إلى اليوم الدفعة الثانية.
ما يأمله المواطن اعتماد الشفافية في تبيان حقيقة الإمكانات المتوفرة توازياً مع العدالة في توزيعها، لا أن تتمايز بها محافظة أو مدينة أو حي من دون غيرها بسبب سوء إدارتها أو تخصيصها ارتجالياً بعيداً عن الخطط التنموية والخدمية المتوازنة بين جميع المناطق.