اللقاح بين السياسي والأخلاقي
وصل صراع الغرب الإمبريالي ضد الشرق إلى لقاح لوباء جائح اخترق الحدود، كما اخترق نظماً صحية تم التباهي بها لعقود، مثبتاً عجز الجميع عن مواجهته في الشرق والغرب، وبالتالي فإن أي بادرة باتجاه العلاج مهما حصلت على نسب للنجاح لابد أن تقدر بالشكل الصحيح، فالإعلان الروسي عن التوصل إلى لقاح ضد فيروس “كورونا” بعث بروح الابتهاج والأمل للبعض والبغض والحقد للبعض الآخر.
الإنجاز الروسي يمكن وضعه في ميزان الإنسانية وهذا ما رأته بعض الدول، لكن الغرب بما به من تسارع في تفشي “كورونا” لم يره إلا “لقاحاً سياسياً”، فبدأ بالهجوم على اللقاح الروسي منتقصاً من أهميته، لكن هذه الشراسة الغربية في الهجوم ناتجة عن سببين, الأول: تسجيل روسيا للخطوة الأولى باسمها وحصولها على سبق الريادة في هذا المضمار، والثاني: سحبها الاحتكار واستغلال اللقاح سياسياً واقتصادياً من يد الدول الغربية.
الانقسام في العالم وصل إلى هنا إلى الطاعون، ورغم حجم وخطر هذا الوباء، فإن ذلك “لم يشفع لروسيا” من طرف الغرب، فهذا اللقاح مادام قادماً من الغير بالنسبة للغرب فهو “غير جيد”، وخاصة أن روسيا ستقدم اللقاح لمن يريد بلا شروط سياسية، كما عرف العالم ذلك عن الغرب.
استعداد روسيا لتلبية الطلب العالمي على اللقاح، يعكسه في الجهة المقابلة نقمة غربية، فالهجوم الغربي على اللقاح الروسي الجديد، يؤكد للعالم من يسعى لخيره ويكشف من يضر به، فالغرب كل ما يريده من أي علاج لأي مرض كالسرطان والإيدز وحتى “كورونا” هو احتكار العلاج واستغلاله اقتصادياً وسياسياً.
اللقاح غير المنتج في الغرب “أوروبا وأمريكا” ينقذ العالم من ضغوط وابتزاز سياسي، ولو أن الغرب كان أول من توصل إلى اللقاح، فهذا يعني, وكما عودنا, أنه سيكون مقابل ضغوط سياسية ومقابل تجديد نهب الثروات الوطنية وشروط مذلة, وإذا استفحل الوباء أكثر على الدول ستضطر لقبولها مرغمة، والأخطر أن الوباء لن ينتهي مادام الغرب يستثمر فيه، وخير مثال على ذلك السرطان الذي تمتلك الشركات الغربية مفاتيح علاجه، أي إنه بينما يسعى الغرب لتكبيل الدول وإخضاعها، تمنع روسيا أسباب ذلك.
مشكورة روسيا مهما كانت نسبة النجاح, فهي خطوة على الطريق الذي يبث الأمل لشعوب العالم التي تثق بروح التعاون الأخلاقي والإنساني