سقوط الليرة التركية
وصلت الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها من السقوط في تاريخها “حوالي 7.3” ليرة مقابل الدولار الأمريكي والذي جاء نتيجة حتمية لسلوكيات رئيس النظام التركي رجب أردوغان بدءاً من الانخراط المباشر في الحرب على سورية والتدخل بشمال العراق، ثم التدخل المباشر إلى جانب حكومة فايز السراج “الوفاق” في طرابلس، ثم التحرش واستفزاز كل من قبرص واليونان ومصر والجزائر بحشد السفن الحربية وحاملات الجنود في مياه المتوسط بذريعة التنقيب عن الغاز والنفط مقابل الشواطئ الليبية مروراً بتحويل “آيا صوفيا” من متحف إلى مسجد, وصولاً إلى وضع كل من الإمكانات العسكرية والاقتصادية والإعلامية والدبلوماسية والاستخباراتية التركية تحت تصرف أذربيجان، ضد أرمينيا..
إذاً وكما هو واضح فإن أردوغان لا تكاد نار قد أشعلها من أن تنطفئ مع كل جيرانه، إلا وبحث عن نار أخرى ينفخ تحتها تارة ويطعمها بكل أنواع الحطب تارة أخرى، وعندما ينفد الحطب والوقود بفضل سرقاته يبدأ بالبحث عن وقود جديد ليشعل ناراً جديدة، ولكن هذه المرة، كانت أطماعه أبعد من الجوار ليصل إلى قلب آسيا وينفخ تحت دخان خلافات الجارتين الأذرية والأرمينية، لتكون ناراً كبرى تلتهم الأخضر واليابس حتى يرضي ويشبع غريزته المتعطشة للحرب والقتل والنار والخراب..
لا شك أن هذا الانخفاض الكارثي لليرة التركية الذي جاء نتيجة لتدخلات أنقرة في كل الملفات المومأ إليها، هو أخطر وأقسى من أزمة الليرة التركية الأولى التي حدثت في العام 2018، على خلفية احتجاز القس الأمريكي اندرو برونسون الأمر الذي دفع مشيخة قطر (الإخونجية) إلى مناصرة مرشد الإخوان المسلمين الأكبر أردوغان لتضخ أكثر من 17 مليار دولار آنذاك لإنقاذ حليفها الإرهابي أردوغان، فهل تفعلها مشيخة الدوحة مرة أخرى وتنقذ حليفها بالإرهاب وتموله بالمال لإشعال حروب ونزاعات مع جيرانه الأقرب ثم الأبعد وتدخل نفسها هي الأخرى إلى جانب أنقرة بمعاداة دول وازنة من عيار دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة إضافة إلى روسيا.
هذا يروق لأمريكا و”إسرائيل” اللتين تلعبان وتغذيان كل الأطراف، فواشنطن تعمل على فكفكة (ناتو) بدعم كل طرف تحت جنح الظلام، و”إسرائيل” تريد ضرب عمق الأمن القومي العربي، وأردوغان يعي ذلك ويستغل هذا لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية و”حَلب” أموال قطرية جديدة وللبقاء في السلطة، ولكن هذا لن يطول واللعبة انكشفت وباتت في فصلها الأخير، فهل تعي مشيخة قطر أنها مجرد دمية و”مطمورة” ليس أكثر بيد رئيس النظام التركي و”إسرائيل” لتمويل مشاريع الحروب والتوسع على حساب أشقائها في المنطقة.