باعتراف الدوائر المالية وعلى مدى سنوات مضت «ما يدفعه الموظفون من ضرائب ورسوم للخزينة يعادل أضعاف ما يدفعه أصحاب رؤوس الأموال من تجار وصناعيين وأصحاب مشاريع سياحية ومصدرين ومن لف لفهم» وبالتحديد القابعين منهم تحت مظلات الاتحادات الاقتصادية، وبرغم ذلك يُغدقون بالدلال ويُدعَون إلى اجتماعات رفيعة المستوى وتُعرض عليهم الحوافز والعطاءات بشتى أنواعها.
المفارقة الغريبة أن موظفنا «المعتّر» ومنذ أن بدأ مستواه المعيشي بالانخفاض والتدهور لم يلق أي عرض أو عطاء حكومي لتحسين وضعه سوى بالتصريحات المغلّفة بالوعود، وآخر تلك التصريحات الداعية للأمل والتفاؤل أن زيادة الرواتب مطروحة على الحد الأدنى من راتب الموظف المعفى من الضريبة»، أما رجال المال والأعمال فيُدعون من دون سابق طلب وهم معززون مكرمون، وأمامهم تنحني كل الميزات والحوافز، كونهم حاملاً أساسياً من حوامل الاقتصاد الوطني، كما يسوقون لأنفسهم، بل إن مطالبهم مستجابة وعلى وجه السرعة…!
لمن لا يعلم، إن موظفينا لديهم أيادٍ بيضاء في التنمية الوطنية عبر ما يسددونه من ضرائب ورسوم، أما اتحاداتنا الاقتصادية فاتسمت على مدى سنوات طويلة بالأنانية، فهي لا تفكر سوى بمصالحها الشخصية، بل تحولت إلى ما يشبه الصناديق في أي مؤسسة مالية أخرى، همهم الوحيد جمع الاشتراكات من المنتسبين إليها، وتجيير القرارات الاقتصادية لمصلحتهم، ولا يستنفرون إلا إذا شعروا بطبخة اقتصادية لا يستسيغونها، كما حصل مؤخراً عندما وافقت اللجنة الاقتصادية على إعادة العمل بتعهد إعادة قطع التصدير ووضعه تحت إدارة المصرف المركزي، عندها لم تهدأ اجتماعاتهم ولم تتوقف الآلة الإعلامية المحابية عن ضخ كل ما من شأنه الدفع نحو وقف القرار، في وقت لم تهتز لأي اتحاد شعرة واحدة أمام معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار.
إن ما يجري اليوم في المشهد الاقتصادي غير منطقي وقلب جميع المعادلات، أليس المواطن أحق بتلك الامتيازات والعطاءات التي يحصل عليها أصحاب السطوة المالية، أليس من واجب المؤسسة الرسمية أن تشعر بحال المواطن وتتوقف عن دعم من يحملونه أعباء لم يعد قادراً على تحملها، وأولها رفع الأسعار..؟