ما حدث مؤخراً في مجلس الشعب عندما استنفر عدد لابأس به من الأعضاء ضد زميل لهم عبّر عن رأيه في صفحته الشخصية على «فيسبوك» في مسائل, كانت تحتاج إلى تروٍ وقراءة معمقة قبل إثارتها، أعطى انطباعاً سلبياً، فالساحة التي دارت فيها رحى الانفعال والحدية في النقاش، هي ساحة يفترض ألا يعلو فيها صوت سوى صوت المواطن عبر ممثليه تحت القبة، وإذا كان هناك من مآخذ على بعض الأعضاء تؤثر في عمل المجلس وتحرفه عن مساره، فللأخير تشريع ونظام داخلي يعاقب ويُثيب.
ليس دفاعاً عن طرف وانتقاد آخر، بل أياً كانت الآراء التي يتم التعبير عنها على منصات التواصل الاجتماعي المخصصة أصلاً لتبادل الأفكار والطروحات، تبقى شخصية وليست ملزمة لأحد للتعاطي معها رفضاً أو تداولاً، ومهما وصل عدد المعجبين بها «اللايكات» فهذا لا يعني تأييدها بالمطلق، وتالياً ليست هناك من دواعٍ لتناول أصحابها ورشقهم بالتهم على المنابر والمنصات الرسمية التي من المفترض ألا تناقش سوى القضايا الجوهرية المتعلقة بشؤون البلاد والمواطنين واحتياجاتهم وتأمين متطلبات معيشتهم، وباعتقادي ليس هناك أسمى من الالتزام بتناول هذه القضايا لأنها تخلق حالة من التفاعل المستمر مع الشارع وكسب ثقته.
وإذا كنا على يقين بأن صمود المواطن وتحديه للحرب الظالمة على سورية والحصار الاقتصادي الغربي الجائر تستدعي العمل الدؤوب من أجل تأمين متطلبات صموده، فإن 24 ساعة عمل يومياً متواصلة للسلطتين التشريعية والتنفيذية لا تكفي للتخفيف من الأعباء التي فُرضت عليه، مع إيماننا بأن جهوداً جبارة تُبذل في هذا السياق، ولكن الملفات التي تستحق أن تُقرع أجراس البرلمان من أجلها تحتاج مزيداً من ساعات العمل سواءً في الجلسات العلنية التي يتابعها المواطنون أو داخل اللجان، فممثلو الشعب يمتلكون صلاحيات دستورية وأدوات تجعلهم قادرين على الضغط باتجاه تحقيق رغبات المواطنين وتطلعاتهم وحل همومهم، وهم اليوم أمام مهمة صعبة ومن الضرورة بمكان أن يخرجوا بأداء قوي في مرحلة لا تحتمل السجالات والانفعالات، بقدر ما تحتاج جهوداً جبارة وحراكاً تعاونياً مع الحكومة على نحو يحقق مكاسب المواطنين ويقويها.