من أسوأ الخدمات المصرفية على الإطلاق, التي لم تنل الرضا, بل تحولت إلى معاناة تتجدد مع كل شهر, فالخدمة قاصرة ويشوبها الكثير من الإشكالات والعثرات, لدرجة أن الزبون المستخدم لها «كفر» بها وبالأجهزة المشرفة عليها والمشغلة لها, رحلة البحث عن صراف لقبض قروش الراتب «المهدود» تتجدد فصولها مع مرور كل يوم ..
حديث قديم وحديث, ولم يعد يطرب أبداً, فالمواطن فقد الأمل بإصلاح هذا الأمر وبرؤية خدمة مصرفية مريحة, وحتى إدارات المصارف استمرأت النفاق والتسويف, لدرجة صار الإهمال سيد الموقف, فلا أحد يكترث بما يحصل, وليذهب المواطن «ويبلط البحر», إدارات قابعة في مكاتبها تحت هواء المكيفات المنعش, وزبون مضطر لقبض راتبه, «يفتل» الساعات مابين صرافات جميعها «خارج الخدمة» ..!
أجهزة متروكة على جنبات الشوارع, وأخرى في الأقبية وبين ردهات مكاتب بعض المؤسسات الرسمية بلا عمل, لا تحتاج سوى صيانة وقد تكون صيانة خفيفة, يأتون يعاينون ويجردون خرداواتهم التي أكلها الإهمال والغبار, ليكون الجرد صحيحاً, وأوراق استلامهم وتسليمهم خالية من أي شوائب, لكنهم تناسوا مهامهم وواجباتهم في تقديم خدمة مصرفية لائقة, فهيهات هذا آخر اكتراثهم, يتعاملون مع الأمر من باب أن هناك ضغوطات وقلة في التوريدات لبعض التجهيزات, من باب تعليق التقصير على شماعات ظروف عامة, تعاموا عما يحصل, وأغمضوا أعينهم «الوردية» عن مهازل ما يحصل ..!
فشلت خدماتكم, فمن اليوم الأول لم تكن ناجحة, ومع مرور السنوات سرعان ما تكشفت عيوبها ونواقص مهامكم وتدخلاتهم العاجزة, لتصلوا اليوم إلى مرحلة الاستسلام الكامل وضيق أفق كوادركم في تحاشي- قدر الإمكان- بعض الإشكالات والنواقص, وإصلاح ما يمكن إصلاحه, أو ليكن مساهمات «ترقيعية» لعلها تخفف من وجع طال أمده..!
بصراحة, خدمات المصارف لم تصل بعد إلى تلك الطفرة الحاصلة عند مصارف في دول مجاورة, رغم الامتياز بالكوادر المدربة والمقرات وغيرها من المستلزمات الضرورية, فأين تكمن العلة إذاً..؟! ببساطة, تلزمنا إدارات فاعلة لديها من العلم والخبرة ما يحولها لتكون مصدراً ثراً من المقدرة على اجتراح الحلول السريعة وحسن التعاطي السليم مع كل الاحتياجات وأوجاع الزبائن, ليس فقط إدارات تتنعم ببعض المكاسب, ولا تملك سوى التنظير وتقاذف المسؤولية وتعليق الأخطاء على شماعات الظروف, المحاسبة يجب أن تكون على حسن تنفيذ الخدمات وسرعتها, وليس حسب الولاء والمحسوبيات وجدار الصد المدعوم, وفهمكم كفاية..!