رئيس يشبهنا حتى في سلوكياتنا اليومية.. السوريون على “السوشال ميديا” يصدّرون حالة شعبية عالية الخصوصية تجاه خطاب الرئيس الشرع

الحرية – مها سلطان:

على خط التركيز الشديد نفسه الذي حظي به أول خطاب للسيد الرئيس أحمد الشرع، عربياً وإقليمياً ودولياً، كان هناك المستوى نفسه من التركيز على ردود فعل السوريين تجاه الخطاب وما ورد فيه. رضاهم أو عدم رضاهم عن مجريات المرحلة الانتقالية، كيف ينظرون للمستقبل على ضوء «خريطة الطريق» التي رسمها الخطاب لسوريا واحدة موحدة؟.. وما بين الرضى وعدم الرضى هناك تلك الحالة البينية التي تحظى باهتمام خاص في مسألة قياس الفعل ورد الفعل، التركيز نفسه ينسحب على السوريين بين بعضهم البعض، هم أيضاً يريدون معرفة من يشاركهم الرأي والموقف، ومن يتعارض معهم، وما هي الحجج والقناعات ومستوى التأثير، ومن هنا تحديداً يمكن قراءة ما سيكون عليه الموقف الشعبي خلال المراحل المقبلة.
لنضع جانباً كل ذلك الضخ الإعلامي الكبير الذي تبثه الفضائيات يومياً في تغطياتها للوقائع السورية، ومنها خطاب الرئيس الشرع، وكل ما تطرحه من مواقف وآراء لنقاد وكتاب ومحللين وخبراء من كل صنف ونوع.
لنضع جانباً كل ما يتم طرحه على هذه الفضائيات من اصطفافات ومواقف إقليمية ودولية، رغم أنها بالمجمل داعمة للقيادة السورية الجديدة عموماً، وللرئيس الشرع خصوصاً.
لنضع جانباً هذه الفضائيات وما تطرحه من تحليلات ورؤى مستقبلية تعمل على تدعيمها بما تقول عنه دراسات موسعة واستشارات، وما يسمى معطيات الأمر الواقع والإمكانيات المتاحة ومسار المستقبل المحكوم بالاعتبارات القائمة داخلياً وخارجياً… الخ.
لنضع كل ذلك وغيره، جانباً دون أن يعني ذلك التقليل من أهميته، ولكن عندما نتحدث عن أول خطاب لرئيس سوريا الجديدة، فإن المَعّني الأول والأخير هو الشعب السوري، وإذا ما أردنا قياس رد فعله الحقيقي على الخطاب وعلى مجمل ما أعلنه الرئيس الشرع فإننا لا بد أن نتجه إلى وحدات القياس الأهم، والتي هي ربما الأكثر تعبيراً عن مواقف السوريين الحقيقية، ونعني هنا وسائل التواصل الاجتماعي (سوشال ميديا) وبجميع أنواعها.
بعد 14 عاماً من الحرب، عاش السوريون ويلاتها على كل منقلب، وبعد 54 عاماً من حكم استبدادي/فردي متنفع/ قاد بسياساته إلى هذه الحرب وويلاتها، فإن السوريين يرون أنهم القادرون أكثر من غيرهم على قراءة وفهم خطاب الرئيس الشرع، بعيداً عن فلسفات السياسيين والمحللين، وإن كانوا بالمجمل يتابعون كل ما يُقال ويحكى عن بلادهم ومستقبلها، ونحن هنا نتحدث عن السوريين العاديين إذا جاز لنا التعبير، أي عن الشارع السوري بكل فئاته، وليس عن فئة محددة جداً تسيطر على هواء الفضائيات وتعطي مواقف وتحليلات بمسارات محددة، وأحياناً ضيقة أو لنقل غير واقعية بصورة كاملة.
والمثبت عملياً أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الأهم والأكثر تأثيراً وتعبيراً، ويندر أن تجد أحداً حول العالم غير موجود أو متفاعل مع هذه الوسائل، إنها الحالة الشعبية الأهم لقياس ردود الفعل الشعبية.
وباستعراض صفحات وقنوات التواصل الاجتماعي يمكن بسهولة ملاحظة كيف تلقى السوريون أول خطاب للرئيس الشرع بكثير من الخصوصية التي تحمل في طياتها مودة شعبية واحتراماً وتقديراً عاليين لسنوات النضال والقتال حتى تحقيق النصر، حتى على المقلب الآخر عندما يتحدث السوريون بلغة النقد والانتقاد، وأحياناً قلة تفاؤل، ومخاوف وتحديات داخلية وخارجية على السواء، وحتى عندما يعرضون لبعض وجهات نظر متطرفة تستند بمجملها إلى تلك المخاوف وقلة التفاؤل فإنهم لا يغادرون تلك الحالة الشعبية، ولا مسألة أن لديهم أخيراً قائداً يشبههم، بما في ذلك سلوكياتهم اليومية. لقد شكلت مجريات الخطاب الأول للرئيس الشرع، من قبل ومن بعد، والخطاب نفسه، حالة استقطاب كاملة للشارع السوري. أراد السوريون خطاباً يحسم الأسئلة المعلقة حول المستقبل/النيات والسياسات والتوجهات/ ضمن سياقات معلومة واضحة، وبما يشمل الجميع بمن فيهم الأطراف التي تتخذ مواقف «ضد».. وكان لهم ذلك.
لذلك رد السوريون بالمثل مؤكدين على مسألة أن لسوريا رئيساً يشبهها ويشبههم، فإذا ما استعرضنا مواقع وقنوات التواصل الاجتماعي، يمكن بوضوح قراءة الحالة الشعبية المشتركة مع الرئيس الشرع حتى فيما يخص التعليق على ما ذكرناه آنفاً حول السلوكيات اليومية كتأخر الخطاب على سبيل المثال.
لقد أصر السوريون على تصدير موقفهم وعلى خصوصية هذا الموقف وإضفاء حالة /أهليّة بمحليّة/ كما يقولون، في تفاعلهم على مسألة التأخير، وهي حالة صحية بالمطلق إذا ما أسقطناها على أرضية الحالة النفسية الشعبية العامة للسواد الاعظم من الشعب السوري الذي بدأ يشعر بارتياح وتفاؤل كبيرين للكثير من القرارات والإجراءات التي تم اتخاذهها منذ اليوم الأول لانتصار الثورة في 8 كانون الأول الماضي، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية، يتعزز تفاؤله وارتياحه وهو يرى بلاده تستعيد وهجها، ودورها ومكانتها، ويرى ذلك الاحتضان العربي لمستقبل آمن ومستقر..
ومن جهة ثالثة وهي الأهم ما أثبته الخطاب الأول من أن الرئيس الشرع رجل قول وفعل يضع نفسه مع كل السوريين جنباً إلى جنب خادماً ومسؤولاً وعاملاً في سبيل سوريا أعز وأقوى لذلك يلاقيه السوريون بالمثل، ليكونوا عوناً وسنداً وهذا مجمل ما يؤكدونه على صفحاتهم وقنواتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار