إلغاء الخدمة الإلزامية تعزيز لقوة الإنتاج المحلي ورفع مستوى الكفاءات وتشجيع ريادة الأعمال
الحرية – مركزان الخليل :
كانت الخدمة الإلزامية في العهد البائد، ولعقود مضت الهاجس الأكبر أمام الشباب السوري، وعقبة كبيرة أمام تحقيق طموحاته في الحياة بمشاريع مختلفة ومتنوعة، يمتلك فيها القدرة على خدمة الوطن، وبالتالي الخدمة الإلزامية ليست بالضرورة الحالة التي تحدد واجب خدمة الوطن.
من هنا، فإن قرار الحكومة الجديدة بإلغاء الخدمة الإلزامية يحمل الكثير من رسائل التطمين للشباب القادم إلى العمل، وللكفاءات والخبرات التي تستطيع تقديم خدمات متنوعة وفي مجالات مختلفة.
صحيفة “الحرية” كانت لها لقاءات خاصة مع عدد من الشباب المقبلين على الحياة، حيث عبّروا عن زوال أكبر عقبة أمام تحقيق أحلامهم.
حيث يبين الشاب محمد أحمد خريج تجارة واقتصاد أن الخدمة الإلزامية كانت سبباً رئيسياً في ضياع سنوات كثيرة من شبابنا دون فائدة، واستهلكت منا قوة الشباب القادر على العمل والتي تبدأ في بداية العقد الثالث من العمر، وهي مرحلة النضوج، ويضيف: أمضيت في الخدمة أكثر من عشر سنوات، بحجة الاحتفاظ والدفاع عن الوطن، فكانت الخسارة الكبرى في ضياع قوة عمل تنطبق على آلاف الشباب، يمكن الاستفادة منها في مواقع مختلفة. وبقدوم الحكومة الجديدة وعملية التحرير صار لنا مستقبل جديد.
وشاطره الرأي المواطن الشاب رضا محمد- كلية طب الأسنان ، مؤكداً أن الخدمة الإلزامية صحيحة، لكن لا تفرض كقانون، وإنما تترك للشباب الراغب في التطوع والعمل في هذا المجال، والرغبة في الشيء هي أساس النجاح، وبالتالي كل شاب يجد نفسه في موقع قادر على العطاء، وتقديم خدمة مميزة باتجاه بناء الذات والوطن، وتترك الفرصة أمام كل شاب يستطيع خدمة الوطن من الموقع الذي يحب ويرغب، وهذه مسألة جوهرية تبنى عليها قاعدة الاستفادة من قوة الشباب والكفاءات والخبرات القادمة إلى سوق العمل.
أيضاً الشاب أحمد الخضر- هندسة ميكانيك، يبين أنه حاول التهرب من الخدمة عن طريق محاولات تأخير تخرجه من الجامعة، لكن ليس هناك مفر، فلا بد من ضياع سنوات من عمر الشباب في الخدمة الإلزامية، التي حطمت مشروعات حياتهم المستقبلية وتأجيلها إلى سنوات لاحقة، لا يستطيعون الاستفادة منها كما يجب، بفعل تقادم سنوات العمر، ولاسيما أن المنفعة المرجوة في ذروة الشباب، لكنهم فقدوها في الخدمة من دون نتائج تذكر.
وأضاف: هذا ليس حالي فقط، بل حال الكثيرين من الشباب الذين غادروا سوق الإنتاج، فمنهم من غادرها هرباً إلى أسواق العمل الخارجية، ومنهم من ضاع في متاهات الخدمة الإلزامية، وقسم كبير بقي في البلد، لكنه كان متخفياُ عن الأنظار، يعمل في الظل حتى لا ينكشف أمره. مضيفاً: نرى بالتحرير الجديد وقرار الحكومة بارقة أمل، فهو ينهي حالات التهرب من الخدمة الإلزامية، التي فرضت على كاهل الشباب لعقود من الزمن.
الشاب نوفل عيسى- مهندس اتصالات، قال: حسمت أمري من بداية الطريق بعد التخرج من الجامعة، وبحثت عن فرصة عمل خارج البلد، حتى لا أقع في فخ الخدمة الإلزامية التي تبقينا لسنوات فيها، فقررت الخروج من أجل استثمار سنوات العمر الأولى وتأمين “البدل” عن الخدمة ومتابعة العمل بعيداً عن منغصاتها، واليوم وبعد التحرير وقرار الإلغاء أستطيع الاحتفاظ بالبدل والعودة إلى سوق العمل، وبالتالي أستطيع خدمة الوطن في أي مجال أعمل فيه، والخدمة الإلزامية كذبة ابتدعها النظام البائد للحفاظ على قوته، وتدمير قوة الشباب القادر على العمل.
من جانبه، يؤكد خبير التنمية البشرية وائل الحسن أن التأثيرات السلبية لسنوات الخدمة الإلزامية الطويلة كثيرة، ولاسيما لجهة قوة الشباب الوافد إلى سوق العمل، نتيجة التأخر في الدخول إليها، ما يعني أنهم يدخلون بأعمار متقدمة قليلاً عن غيرهم في بعض الدول الأخرى. وهذا يمكن أن يؤثر في تطورهم المهني والتدريبي، واكتساب المهارات والانضباط.
وأضاف الحسن: إن الخدمة الإلزامية الطويلة أيضاً، يمكن أن تؤثر بشكل مختلف على الشباب، وخاصة أصحاب الكفاءات والشهادات العلمية، وذلك من عدة جوانب، منها التأخير في التخصص المهني واستنزاف المهارات المكتسبة، وفقدان فرص العمل، وبالتالي فإن قرار إلغاء الخدمة الإلزامية يحد من هجرة الشباب، وخاصة أصحاب الكفاءات العلمية وتسريع دخولهم إلى سوق العمل واستثمار كفاءاتهم في مجالات مختلفة، منها الخدمي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها الكثير، إلى جانب المساهمة الكبرى في عودة الشباب المهاجر، الأمر الذي يعزز فرص تعزيز الإنتاجية المحلية وتحسين الاستثمار في التعليم ورفع مستوى الكفاءات وتشجيع ريادة الأعمال، والأهم أننا نرى لقرار إلغاء الخدمة الإلزامية مساهمة كبيرة في تحقيق فوائد متعددة، تعزز من قوة الإنتاج الوطني وتستثمر في الخبرات والكفاءات الشبابية بطريقة أكثر فعالية واستدامة.