“الصناعة الدوائية” بين إجراءات مشجعة للإنتاج وترجمة فورية لتخفيض الأسعار… العام والخاص متفقان: إلغاء المنصة وحصريتها وتخفيض الرسوم واقع جديد يعكس إيجابية على المنتج والمستهلك…
الحرية– سامي عيسى:
في ظل مرحلة جديدة نحتاج فيها لتضافر جهود جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية، لتحقيق نقلة نوعية على صعيد الاقتصاد الكلي وخاصة بعد عملية التحرير والتخلص من النظام البائد الذي كثرت في عهده محسوبيات العمل، وتركز رؤوس الأموال والاستثمارات في أيدي القليل من الأشخاص، وحرمان المئات من المستثمرين والتجار والصناعيين المحليين من العمل بحرية ومصداقية وطنية، تعود بالنفع لمصلحة الجميع “عام وخاص”، الأمر الذي أدى إلى المزيد من تدهور الإنتاجية في العديد من القطاعات، والوصول إلى حالة من الترهل تعب منها الجميع، وهذا ينسحب على كل القطاعات الاقتصادية، إلا أن قطاع الأدوية وصناعتها كان الأكثر تأثيرها نظراً لحساسية المنتج وحاجته الصحية، دون تجاهل القطاعات الأخرى التي نمت فيها المحسوبيات خلال السنوات الأخيرة الى مستويات غير معقولة..!
ليست صدفة
لهذا السبب يرى الدكتور خلدون حربا المدير العام للمؤسسة الكيميائية في تصريح “للحرية” أنه ليس من قبيل الصدفة الاهتمام الحكومي اليوم بالواقع الإنتاجي بشقيه الزراعي والصناعي، والبحث في مكونات زيادته، بل هو من صلب اهتمامها، لأن إنتاجيتهما متكاملة، تفرض حالة اقتصادية عائديتها تنسحب على كامل الاقتصاد الوطني وتشكل العمود الفقري له، وخاصة في ظل ظروف صعبة “حرب وحصار وعقوبات اقتصادية ظالمة”، نحتاج فيها لكل رديف إنتاجي أياً كان، لتقوية هذه الحالة، والتي يتم من خلالها تأمين حاجة الأسواق المحلية من المستلزمات الإنتاجية والسلعية مهما كانت فكيف هو الحال على قطاع صناعة الأدوية..؟
تفكيك المعضلات
على ضوء ذلك اتخذت الحكومة الحالية جملة من الإجراءات لتحريك عجلة الإنتاج المحلي وحل معضلة الكثير من المشكلات والصعوبات التي كانت تعترضها سواء لجهة الرسوم الضريبية، أم الجمركية التي كانت تشكل العبء الأكبر على الإنتاجية الوطنية في كل أبعادها، وهنا يؤكد “حربا” أهمية القرارات التي صدرت بشأن تخفيض الرسوم الجمركية على الواردات وخاصة مستلزمات الإنتاج، وتوحيدها بصورة لا تسمح بالتلاعب فيها من قبل ضعاف النفوس من القائمين على العمل…
حاجة استثنائية
وبالتالي تخفيض الرسوم الجمركية ليست الإجراء الوحيد الذي اتخذته الحكومة لتشجيع المنتج الوطني، وخاصة الدوائي الذي يشكل حاجة استثنائية لعلاقته بالصحة العامة، وتوافره من أشد الضروريات اليومية، فهناك تحسن واقع الليرة أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار، وزيادة قيمتها إلى مستويات معقولة تنعكس بصورة إيجابية على الأسعار وانخفاضها بصورة تدريجية، والأهم إلغاء المنصة في إجراءات الاستيراد، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى سهولة تأمين المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج بالأسعار المناسبة دون الدخول في متاهات المحسوبيات والرشى وغيرها، الأمر الذي سيساهم في تخفيض الأسعار بدءاً من التكلفة وصولاً إلى المستهلك، دون أن ننسى أن أسعار 85% من مستحضرات تاميكو هي أرخص من مثيلاتها في السوق المحلية، وعلى الرغم من ذلك فان التخفيضات الجديدة على مستلزمات الإنتاج ستساهم في تخفيضها أكثر، وباعتقادنا ستكون نسبة التخفيض ما بين 5- 10% ، وهذه مرتبطة بطبيعة كل مستحضر دوائي، واختلاف تركيبته الدوائية، والحال ذاته ينطبق على القطاع الخاص.
ويرى حربا أن التوجه الحكومي الجديد واضح نحو دعم القطاع الصحي بكل مكوناته التصنيعية وحتى مستورداته لتأمين السوق المحلية، بقصد النهوض بواقع الصناعة الدوائية المحلية، وزيادة العائد الاقتصادي الداعم لخزينة الدولة، وخاصة أن قطاع صناعة الأدوية من القطاعات الرابحة وذات المردودية السريعة.
مقومات
وخاصة أن الرؤية اليوم تتجه نحو اقتصاد السوق الحر، وتاميكو تمتلك مكونات هذا الاتجاه، وتستطيع المنافسة بالسعر والجودة في أي بيئة اقتصادية، وتحاول اليوم زيادة انتشارها وتوسيع مساحتها من خلال زيادة خطوط الإنتاج، وحصتها السوقية من خلال التوزيع الجيد وشموله كل الجغرافيا السورية، واعتماد وكلاء في كل محافظة لتحقيق عدالة التوزيع بين المحافظات وفق رؤية شاملة للصناعة والحكومة.
محسوبيات
الصناعي الدكتور نبيل القصير، شاطر حربا الرأي في كثير من المحاور، إلا أنه زاد في قوله: خلال الأزمة الماضية حملت الكثير من المشكلات، التي فرضت آلية جديدة في طريقة التعاطي مع عملية التصنيع، والتي أرهقتها عمليات الفساد الممنهجة والتي طالت كل مراحل تأمين المواد والحاجات الأساسية لصناعة الأدوية، والتي بدأت بعمليات حصر استيراد المواد بأشخاص محددين للتحكم بالأسعار، مروراً بالمحاصصة، ودفع المعلوم لجهات مختلفة، وصولاً إلى دفع الإتاوات والرشى على الطرقات والحواجز، وبالتالي كل هذه المدفوعات تضاف على التكلفة الفعلية للمنتج، وبدورها تضاف على التسعيرة النهائية،
التي أرهقت الصناعي والمواطن على السواء، وهذه التكلفة ليست بالبسيطة، والخلاص منها إلى جانب إجراءات الحكومة الحالية المتعلقة بالرسوم الجمركية وتخفيضها وإلغاء المنصة، ودور حيتان السوق من تجار المواد الأولية التي كانت تحصر بشخص “فلان من الناس” سوف يؤثر بصورة إيجابية على تخفيض أسعار المستحضرات الطبية، والأيام القادمة ستحمل الكثير من المفاجآت السعرية الإيجابية.