ماذا بعد تحمّله المسؤولية؟.. تساؤلات متابع حريص

الحرية- خاص:

موقف يسجّل لمحافظ دمشق إزاء ماحصل اليوم في المسجد الأموي، وحادثة التدافع التي أودت بحياة عدد من المواطنين.

فمن شأن رجل الدولة -عندما يكون رجل دولة حقيقي- أن يتحمل مسؤولياته ولا يقذف بها بعيداً باتجاه آخرين.
المحافظ أعلن أن الحادثة لن تمرّ من دون محاسبة المقصّرين، وهذا شيء طبيعي، بما أن ثمة أرواح قد قضت في الحادثة، وثمة أسر ستبحث عمّن تُسائله في أمر من فقدت.

إلا أن كل ذلك يندرج في سياق التعاطي مع النتائج، في وقت أن الجميع يعلم أن ثمة قاعدة ذهبية في هذه الحياة تتعلق بالتعاطي مع الأسباب وهو ما نسميه الوقاية والاحتراز، وهي حلقة متكاملة في الواقع تقع بمجملها ضمن إطار ما هو مسؤولية شاملة لا يمكن تجزيئها على الإطلاق.

وأمام مثل هذه المسلّمات.. يبقى التساؤل عما كان يجب على محافظة دمشق فعله، كجهة معنية بمنح الموافقات على كافة أشكال الاحتفالات والكرنفالات والمناسبات في الأماكن العامة كافة التي تقع في نطاق إشرافها ومسؤولياتها التنظيمية والإدارية.

فهل منحت المحافظة موافقة على إقامة فعالية اليوم المسجد الأموي؟.
وإن كانت قد فعلت.. ماهي الإجراءات الاحترازية على المستوى التنظيمي التي قررت القيام بها لضبط إيقاع الاحتفالية بما يضمن مرورها بسلاسة لتمضي كمناسبة نبيلة ومن دون أن تتحول إلى مأتم كما حصل؟
لاسيما أن الواضح أن قصد صاحب المبادرة- الوليمة، ونياته كانت إيجابية ونقية، ومن البدهي أن ينصب جل اهتمامه على “حسن الوفادة” وإكرام الضيوف، لا على الجانب التنظيمي الذي هو أكبر من قدراته كشخص، ويحتاج إلى مؤسسات دولة لديها إمكانات لوجستية وبشرية قادرة على القيام بمهامها على أكمل وجه.

أمام إعلان المحافظ عن تحمل مسؤولية ماحصل.. يبقى عليه أن يعلن عن الإجراءات التي سيتخذها لضمان عدم تكرار ما حصل اليوم.. فما هي هذه الإجراءات؟.

وما هي الروائز التي ستضعها المحافظة لتنظيم المبادرات الأهلية وتنسيقها.. وكيفية التعاطي معها؟.

وبالعودة إلى أصل الموافقة -إن وجدت-.. هل كان على المحافظة أن تعطي الموافقة وتسمح بالفعالية في يوم الجمعة المعروف بإقبال الدمشقيين على الصلاة في المسجد الأموي، أم تؤجلها إلى يوم آخر.. أو تجترج طريقة أخرى لإخراج مبادرة الإطعام، كأن يجري توزيع الحصص على الأسر في المنازل واستهداف أسر فقيرة في مختلف الأحياء تعرفهم المحافظة جيداً عبر المخاتير التابعين في عائديتهم الإدارية إلى مديرية معروفة في المحافظة..؟

تساؤلات كثيرة تقفز إلى الذهن في مثل هذا الموقف المؤسف..

نترحم على أرواح من قضوا اليوم.. وندعو بالشفاء العاجل للمصابين، كما لا يسعنا إلا أن نسجل تعاطفنا مع صاحب المبادرة، الذي تحولت مبادرته النبيلة إلى ما لم يكن يضعه في حساباته، ونحن على يقين من ذلك..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار