اكذب بصورة..«انتصر» بصورة.. قاعدة أسقطها السوريون وطوّعوها للصد والرد
تشرين – مها سلطان
للوهلة الأولى لم يكن السوريون جاهزين ومستعدين لحرب الصورة، لكن لم يلبث أن انكشف كل شيء.. وبات التضليل تضليلاً وليس إلا..
تنبّه المواطن السوري لسيل الفبركات، واستعاد سريعاً التركيز ليس فقط على مستوى التحصين النفسي، بل على مستوى الأدوات أيضاً.. وعلى مستوى مصادر المعلومة.
منذ بدء الهجمة الإرهابية الجديدة على مناطق شمال سورية/ إدلب، حماة، حلب/ في 27 تشرين الماضي، وكما كان متوقعاً اشتعلت حرب إعلامية شرسة ضد سورية، الدولة والجيش والناس، وتعددت قنوات الضخ السالب ومن يقف خلفها. لكن السوريين الذين خبروا على مدى عقد ونصف العقد حرب الصورة، التقطوا لب تفاصيل ما يجري، و بدوا جاهزين بحرب مضادة شكلت مع الإعلام الوطني جبهة صد ورد، هذه الجبهة لاحقت كل ما ينشر من أخبار وصور وفيديوهات على فضائيات التضليل والكذب وعلى قنوات السوشال ميديا.
كل خبر وكل صورة معادية كان يتبعها مباشرة خبر وصورة مقابلان يدحضان زيف ما تنشره هذه الفضائيات و قنواتها. وفي كثير من الأحيان كان هناك استباق في العرض والنشر ما أوقع جبهة الإعلام المعادية في فوضى وارتباك اضطرت معه مكرهة إلى عرض ما ينشره السوريون سواء في الإعلام العسكري أو الوطني أو الشعبي.. وإلى الاعتراف بخطأ أخبارها وصورها وإن كان بطريقة غاية في الخبث والنفاق، وهذا كله مكشوف للسوريين.
وكما هو التركيز على إعلام السوشال ميديا على قاعدة «كل مواطن صحفي» ما دام يحمل جهاز موبايل، والذي اعتمدته جبهة الإعلام المعادية، فإن السوريين اعتمدوا القاعدة نفسها، مع اختلاف الأهداف طبعاً، وسجلوا سيطرة في كثير من الأحيان وفي اتجاهين: الأول على مستوى الداخل، وخلق مصداقية له وللإعلام الوطني في الوقت ذاته، حيث إن السوريين هذه المرة صمّوا آذانهم عن ذلك الإعلام الموغل في خطاب التحريض والكراهية، وما يعتمده من ضخ إعلامي لإغراق الجمهور في حالة ارتباك وفوضى وتحريض وصولاً إلى ما يسمى الهزيمة من الداخل.. السوريون اتجهوا إلى الإعلام الوطني وإلى صفحات أسسها عدد منهم يتواجدون في الميدان وبين الناس وإلى جانب جيشنا الباسل ليستقوا منها أخبارهم، وإن كان يؤخذ على الإعلام الوطني أنه يقول القليل، فهذه الصفحات تقول الكثير جداً وبالضخ الكبير نفسه الذي تعتمده القنوات المعادية، والأهم من كل ذلك أنها اكتسبت مصداقية واسعة، كونها تقول الحقائق كما هي أياً تكن النتائج على الأرض.
المستوى الثاني، هو جبهة الإعلام المعادي، حيث فرض السوريون بصفحاتهم على هذا الإعلام أن يفرمل ضخه المعادي، وأن يراجع ويصحح، وينتظر ويتأكد. صحيح أن هذا لم يخفف من خطاب الكراهية والتحريض الذي يعتمده هذا الإعلام المعادي، إلا أن الجمهور عندما يراه يراجع ويصحح وينتظر فهذا بلا شك سيؤثر عميقاً في مصداقيته ويدفعه في الوقت ذاته لمتابعة الإعلام المقابل، أي إعلام السوريين بجميع مستوياته الوطنية والعسكرية والشعبية، وهذا إنجاز كبير بالنظر إلى فرق الإمكانيات الهائل بين الإعلامين، على مستوى التقنيات والتكنولوجيا والتمويل الهائل الذي يتم ضخه في الإعلام المعادي والذي تقوده بالأساس جهات استخباراتية عالمية معروفة للجميع، كما هي أهدافها معروفة للجميع.
من حلب بداية إلى حماة، وما بينهما إدلب، وأياً تكن نتائج الميدان، حيث المعارك كرّ وفر، وحيث الهجمة الإرهابية اليوم هي الأعنف والأشد، وحيث سيوسع الإعلام المعادي من هجمته الإرهابية دعماً للإرهابيين على الأرض.. فإننا كسوريين لسنا سوريي الأمس، ولن تنال منا هذه الهجمة الإرهابية الميدانية بفروعها الإعلامية. بات السوريون أكثر واقعية في قراءة المخططات ومن يقف خلفها، بل يقرؤون المشهد في بلادهم وفي عموم المنطقة بصورة أفضل من أي محلل أو مراقب، ويعلمون أن التكاتف والوحدة والالتفاف حول الوطن والجيش يجب أن تكون على مستوى التحدي اليوم، وأن تفوق مستوى ما قد يواجهونه في المرحلة المقبلة.. وهم لن يغادروا الميدان، ميدان المواجهة الإعلامية، وكما أن تحالف العدوان والشرور يريد أن يُسقط سورية بصورة، فإن السوريين بالمقابل بإمكانهم الانتصار بصورة.. والمعارك لم تنتهِ بعد، ولكل مرحله معاركها وأبطالها وتضحياتها.