جمعية النهضة الفنية تحتفي بالنقوش الدمشقية بطريقة المونوتايب
تشرين- بديع صنيج:
أقامت جمعية النهضة الفنية بالتعاون مع دائرة العلاقات المسكونية والتنمية (DERD) التابعة لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس (GOPA) ورشة عمل لاثني عشر شاباً وصبية من طلاب كلية الفنون الجميلة لإعطائهم المعلومات الأساسية لكيفية طباعة المونوتايب بكل ما تحويه من خصوصية وفرادة وذلك بإشراف الفنان فادي العساف.
التجربة بدأت مع جولة في حارات الشام القديمة بكل ما تحويه من كنائس وجوامع وبيوتات ومطاعم وأماكن أثرية، ثم تمّ تصوير ما تقع عليهم أعينهم من نقوش وزخارف وموتيفات تتكرر في العمارة الدمشقية، سواء على أقواس النوافذ أو إطارات الأبواب أو حتى في البحرات وعلى البلاط وما إلى هنالك.
حصيلة التصوير كانت أكثر من ألف صورة لأنماط زخرفية ونقوش وموتيفات متنوعة، تم اختيار ما يقارب المئة منها، ثم طُبعت وسعى الشباب لاستلهام تلك العناصر الزخرفية في لوحاتهم بطريقة معاصرة، بعدما قام الفنان فادي العساف بتعليمهم آلية طباعة المونوتايب، التي على بساطتها إلّا أن لها حساسية عالية، وتحتاج إلى إتقان مفردات العمل عليها من أجل الحصول على لوحات فنية فريدة تخالف معنى “المونوتايب” وهو النمط الواحد، إذ بالإمكان استخلاص الكثير منها لكن كل عملية طباعة لن تتكرر سوى مرة واحدة.
التقنية كما أخبرنا الفنان فادي العساف تقوم على الرسم بالحبر الصيني الممزوج مع الصمغ العربي على سطح مصقول سواء أكان زجاجاً أم خشباً ذي وجه مُقسّى، طبعاً الرسم يتم بفرشاة عادية ويمكن استخدام بعض الأدوات الأخرى التي تستخدم في الحفر، بحيث يمكن التحكم بالخطوط المرسومة وثخانتها وكثافتها وشفافيتها، إما بتمديد سائل التلوين بالماء مثلاً أو تهشير الخط بأداة حادة بعد جفافه نوعاً ما على السطح المصقول، ليُصار بعد ذلك إلى مسح لوح من الكرتون العادي بالماء حتى تتفتح مساماته، ويوضع وجهه المصقول على اللوحة المرسومة على السطح المصقول، ومن ثم يتم الضغط عليه بوساطة أداة تشبه المدحلة الصغيرة وذلك حتى يلتصق الحبر الممزوج بالصمغ على الكرتونة التي يتم إبعادها عن السطح المصقول ليظهر العمل الطباعي بصورته شبه النهائية، وبعد ذلك يتم تجفيف اللوحة بوساطة ورق الكلك وبذلك يصبح العمل الفني جاهزاً للعرض.
وإضافة إلى احتفاء أولئك الفنانين بالنقوش والزخارف والرموز الدمشقية التي يعود عمر بعضها إلى آلاف السنين، وبعد امتلاكهم مفاتيح تلك التقنية الطباعية المميزة، بدؤوا رحلة جديدة في التجريب برسومات مختلفة، كالوجوه والمناظر الطبيعية، وإجراء دراسات مختلفة على التضادات بين الكتلة والفراغ، والتكوينات المتباينة، والاستفادة من شفافيات الحبر الصيني وما يحققه من تدرجات مختلفة، وهو ما أنتج لوحات غاية في الجمال والخصوصية.
وزاد من تلك الجماليات هو زيادة الكثير من الأسماء المعروفة في الساحة التشكيلية السورية لمقر جمعية النهضة الفنية التي يديرها الأستاذ بولس حلاق، وتجربتهم لتلك التقنية الطباعية، إذ اجتمع في الورشة التي امتدت على أربعة أيام كلٌّ من إدوارد شهدا، عفاف خرما، غسان نعنع، عبد الله مراد، وليد الآغا، عمران يونس، ومنير الشعراني، وغيرهم وباتوا يرسمون بسرعة على اللوح المصقول ولا تمر سوى دقائق حتى يرون نتائج اشتغالاتهم المبهرة بكل ما تملكه من خصوصية أضافت ميزات جديدة لتمرُّسهم في الفن ومرونة استخدامهم للريشة ومعرفتهم السابقة بفن الحفر والطباعة.
ورشة عمل المونوتايب ستكون بداية لمجموعة أخرى من الورشات، وسيُعلَن فيما بعد عن موعد محدد لعرض نتاجاتها، بحيث لا تبقى حصراً على الفنانين المشاركين وزوار جمعية النهضة خلال فترة إقامة الورشة، ولعلّ من أهم ما حققته هو تعليم الشباب تقنية جديدة، إضافة إلى عصرنة النقوش الدمشقية في لوحاتهم واستلهام العناصر الزخرفية وتطويعها ضمن أعمالهم، على اختلاف الأنماط التي اتبعها المشاركون في تقديم رؤاهم الفنية.