تحديد نسل القصيدة!!
كيف للشاعر أن يستعرض مشاهد تتبدل، بل وقابلة للتغيير في كل لحظة، لتصل إلى ” قناعات مكمّلة ” أو إلى قناعات متصارعة –متناقضة في أحيانٍ كثيرة – النتيجة؛ هي أن الشعر لا يركن إلى قناعات ثابتة، إنها مزاجيته – خاصيته – إذا صحّ التوصيف، هنا: الشعر الذي يركن إلى قناعات يأكل نفسه من الداخل أولاً، ويتحوّل إلى ” مصبرات “: قصائد نصوص.. وهذا أقله بمفهوم صاحبه أي كاتبه، بالنسبة إلى الآخرين شيءٌ مختلف.
أبدأ من مفهوم بسيط كهذا، نعتقد جميعاً أننا ندرجه في أولويات نقدنا الذاتي.. قراءتنا الذاتية لنتاجنا، لنترك بدايةً “التفسيرات المُضادة والتساؤلات الأخرى حول الخطاب الشعري الذاتي– التي تدور حول: هل لصاحب النتاج أن يتكلم عن نفسه من دون الوقوع في خطيئة؟ – ولنتساءل: هل نطبق هذا المفهوم؟ هل نعايشه عملياً في أقل تقدير، أم يستدرجنا ” التنميط” إلى “مصبراتنا” معتقدين مع المتلقي– إن توفر – أن ما تحقق هو “القدوة”. على ما يرى مثقف مثل الكاتب اللبناني بول شاوول.
إنَّ كلّ شاعر؛ مهما ادعى هذه التبدلية في خطابه، معرّض للسقوط في “القدوة”.. ولكن عليه أن يستجمع أدواته، ويقوم إلى الشعر من جديد، الرحلة الصعبة شيقة حقاً، يزعم الكثيرون أنها مغامرة، لماذا لا تكون مغامرة؟ الشعر من أعظم الكائنات المُصابة بالحساسية، التي لا تعيش إلا في مناخها الذاتي، تتعامل مع المناخ الآخر، فتكيفه لمصلحتها، لا أن تكتفي بالتكيف معه، كما كان يُطالب خطأ “خطاب الجماعة”، تُكيّفه لمصلحتها لأنها تعتقد حقاً أنها الكائنات الأفضل، التي يجب أن ترتقي إليها الموجودات الأخرى.
للشعر وحده؛ الحق في كلِّ ذلك، وإلا تصنّم إلى قدوة منقادة تفقد هويتها مع أول نسمة حراكٍ من جدل، من هنا فكتابات الشاعر السابقة؛ التي ينظر إليها “الجمهور” بعين الإعجاب، لابدَّ للشاعر أن ينظر إليها بعين الشفقة، وعلى الشاعر أن يتعلم من كتاباته السابقة على أنهم إخوة لأبناء سيأتون، والعلاقة واضحة هكذا، ولكن هل الأبناء الآتون؛ هم من الأمِّ نفسها؟ ولابأس أيضاً – بل لا مفر أحياناً – أن يأتوا من أمٍّ أخرى.. المهم قدرة الشاعر على الإنجاب، وأن كنت أرى ضرورة تحديد النسل، وربما الاكتفاء بولدٍ واحد ومن ذات الأم، طالما أن السمة العامة هي “ا لعاقر” السائدة، أو “بيضة الديك” في نتاجات الكثيرين، وكان الأجدى لو توقفوا من سنين عن التكاثر والتنويعات على ذات “الصبي الشعري” بنفس ألوان عينيه وشعره وطوله..!
هامش:
تعالي
ننشرُ الصباحَ
على حبلِ الغسيل..
علّ
الطفل الذي فقد عائلته في حيينا؛
يستطيعُ نفخَ بالون العيد..
علنا
نجعلُ من الجدوى معادلة حياة..
علنا
نصلُ القمة الصهباء
كما كانت الرغبةُ
في أقصى تأويلها..
كما كانت الرغبة
قبل أن تُستثنى بإلّا.