هوكشتاين والمهمة الملغّمة أميركياً.. بايدن لن يهدي ترامب نصراً.. والمقاومة تفاوض بالنار «بيروت- تل أبيب»
تشرين– هبا علي أحمد:
مع وصول المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط عاموس هوكشتاين إلى بيروت «على أن يتجه بعدها إلى تل أبيب».. يُمكن القول إنّ مصير الحرب على لبنان يتحدّد اليوم، إمّا إلى تصعيد وإمّا إلى تهدئة ومن ثمّ البناء عليها للمرحلة القادمة لبنانياً وإقليمياً، ولاسيما بعد أن سلّم الجانب اللبناني- بعد مشاورات أطرافه السياسية المعنية بالتفاوض – ردّه على مسودة الاتفاق الأمريكي لوقف إطلاق النار.
وفي مقابل بعض الأجواء الإيجابية، فاحت من السفارة الأمريكية في لبنان أجواء سلبية والتي تبدو أنها تنسف مسبقاً أي اتفاق عبر تشكيكها بالمفاوضات، كما يبدو أنها تحمّل الجانب اللبناني مسبقاً ولاسيما حزب الله مسؤولية أي فشل.. بالتوازي أشيع أن زيارة هوكشتاين تأتي لبحث تفاصيل الاتفاق وليس للتفاوض، إلّا أن ما يأتي من جانب السفارة ومن جانب كيان الاحتلال يحكم على هذه الزيارة ونتيجتها بالفشل، وكان لافتاً ما صرّح به رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أمس، بأن «إسرائيل» ستواصل عملياتها العسكرية ضد حزب الله حتى في حال تمّ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان.
ورغم أنّ المعطيات قد تتبدل في أي لحظة، والعبرة تبقى في الخواتيم، إلّا أنّ مجمل المؤشرات حتى لحظة كتابة هذه السطور تدل على أن الحرب على لبنان مستمرة.. وفي هذه المقدمات لا يمكن لأي شيء أن يردع الميدان، وكانت لافتة رسائل المقاومة اللبنانية/ حزب الله النارية أمس من خلال ضرب «تل أبيب» بصواريخ باليستية من نوع «فاتح 110»، وثُبتت معادلة «تل أبيب» مقابل بيروت، كما ثُبتت المعادلة النار، أي أن التفاوض بالنار الذي يعمده العدو، يُقابله تفاوض بالنار من قبل المقاومة، وإذا أرادها العدو حرباً فلتكن كذلك، لأنه كما أشرنا وكما تدرك المقاومة فإن العبرة بالخواتيم والتنفيذ على الأرض، وبالتالي «جرّها» إلى أي مصيدة أمريكية- إسرائيلية عبر بنود ملغّمة غير وارد إطلاقاً، ولا يستقيم مع منجزات الميدان، كما من المؤكد أنّ حزب الله معنيٌّ بوقف الحرب لكن بشروط الميدان وبما يحفظ السيادة اللبنانية.
مهمة هوكشتاين لن تكون مضمونة النجاح لأن الشروط الأميركية الإسرائيلية تعقِّدها وتحكم عليها بالفشل مسبقاً.
ولفهم كيف أن مقدمات الفشل تسبق النتيجة، كان لافتاً ما أشارت إليه مصادر حول أنّ الأميركيين يريدون من اللبنانيين الموافقة على إشراف أميركي على ترتيبات أمنية تشمل بيروت والمرفأ البحري والمطار الدولي، وأن الموفد الأميركي يفاوض على صيغة تشمل كل لبنان وليس فقط جنوب لبنان، رغم ذلك فإنّ مهمة هوكشتاين لن تكون مضمونة النجاح لأن بعض الشروط الأميركية الإسرائيلية صعبة، وهذا يقودنا إلى نتيجة حتمية من الفشل تماماً كما فشلت كلُّ المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة .
وبناءً على ما أشارت إليه المصادر هذا يعني أن ما تريده واشنطن وما يريده الكيان أن يبقى لبنان وتحت أي اتفاق مُشرّعاً أمام الأمريكيين والعدو الإسرائيلي، وبما يمس السيادة اللبنانية التي لا تقبل كل المستويات اللبنانية وفي مقدمتهم المقاومة المساس بها، وهذا يعني أن الأمريكي يُلغِّم المسار لإفشاله.
كما يُمكن ملاحظة التضارب في المعلومات التي تنقلها وسائل إعلام العدو، ففي حين قالت صحيفة « يديعوت أحرنوت» إن وصول المبعوث الأمريكي إلى لبنان، يعني أن الاتفاق أصبح قريباً ويمكن الإعلان عن ذلك خلال وقت قصير نسبياً، ولكن حسب الصحيفة، ليس من الواضح ما إذا كان هوكشتاين سيعلن وقف إطلاق النار من لبنان أم من «إسرائيل»، بالإضافة إلى تقارير إسرائيلية سابقة نقلت عن مصادر أمريكية أنّ الرئيس المنتخب دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لمهمة هوكشتاين في لبنان، وهذا كافٍ وفق المصادر «لإعطاء المهمة دفعاً وشيئاً من الجدية، مشيرة إلى أنّ ترامب بدأ بإرسال رسائل لإيران حول التسوية في الشمال والذي سوف يؤثر بشكل مباشر على الوضع في غزة.
في المقابل، قالت القناة«12» العبرية: «إسرائيل» أبلغت الولايات المتحدة أنها لن تتنازل عن حرية العمل العسكري في لبنان ورئيس الوزراء ووزير الجيش توافقا على تكثيف الضغط العسكري على لبنان. بالتوازي قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان: «لم نصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار في لبنان ونشهد تقدماً في المحادثات».
و لكن مع وصول هوكشتاين، تجدّدت قاعدة النار بالنار التي باتت تفرضها المقاومة وليس الكيان، فمع تجدّد القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور جنوب لبنان، ترد المقاومة بالنار إذ تحدّثت وسائل إعلام العدو عن دوي صفارات الإنذار خشية تسلّل طائرات مُسيّرة في إصبع الجليل، إضافة إلى إطلاق صليات صاروخية ومُسيّرات باتجاه عدّة مستوطنات وقواعد عسكرية مع وقوع حدث أمني صباح اليوم في شمال فلسطين المحتلة عند الحدود مع لبنان.
وأشارت الوسائل إلى وقوع 4 إصابات وحدوث انفجارات قوية سُمعت في «تل أبيب» وتحديداً في «غوش دان» وفي منطقتي«هشارون» و«نتانيا» بالتزامن مع دوي صفارات الإنذار في المناطق المذكورة، في حين أقرّ جيش الاحتلال برصد إطلاق نحو 5 صورايخ من لبنان نحو «تل أبيب» ومحيطها.
وأكدت الوسائل سقوط أحد الصواريخ في الوسط، على الأقل، وإصابة قاعدة عسكرية في «هشارون» وأن الطواقم الطبية تعالج مصابين، بينما سقطت شظايا صواريخ اعتراضية على شارع «رقم 4» الذي يربط الشمال بالوسط، من جراء الصواريخ الأخيرة ، كما تحدّثت عن وابل من الصواريخ أُطلقت من جنوبي لبنان في اتجاه “كرميئيل” ومحيطها، واعترفت بـرصد 25 صاروخاً وسقوط عدد من الصواريخ في المنطقة، وإصابة أحد المستوطنين هناك، إلى جانب إطلاق صلية من الصواريخ نحو منطقة «سعسع» شرقي مدينة صفد، أسفرت عن سقوط إصابات بين صفوف المستوطنين.
وعن المعارك في جنوبي لبنان، أكدت وسائل إعلام العدو هبوط مروحية عسكرية في مستشفى «رمبام» في حيفا، لافتةً إلى أنها تنقل جنوداً مصابين بحالة خطيرة من الجبهة الشمالية، بالإضافة إلى نقل 3 مصابين من مناطق القتال في لبنان إلى مستشفى «زيف» في صفد.
وكما سبق أن تمّت الإشارة في مادة سابقة في هذا الموضع، إن تمّ التوصل إلى الاتفاق فإن المقاومة هي من فرضت وحققت ذلك، وقبول الكيان دليل على عجزه واستعجاله لإنهاء الحرب ولاسيما قبل الغوص في الوحل اللبناني مع حلول الشتاء، كما يجب الإشارة إلى أن التوصل إلى الاتفاق ليس من مصلحة الإدارة الأمريكية الديمقراطية التي تودّع أيامها الأخيرة حتى لا تهدي نصراً لخليفتها الجمهورية ممثلة بترامب.