استثمار بعائدات مغرية بعيدة المدى.. بين وزارتي التربية والتعليم العالي “كنوز معرفية” بأدوات عصرية

تشرين- بشرى سمير:
الاستثمار في التعليم أحد الخطوات التي تنتهجها وزارة التربية من أجل تطوير المنظومة التعليمية سعياً لتحقيق التنمية المستدامة وتخفيف العبء عن موازنة الدولة وتوفير إيرادات من التعليم بما يسهم في تحسين جودة المخرجات وزيادة فعاليتها في المجتمع، وربط معارف ومهارات الخريجين مع متطلبات سوق العمل، لكن إلى أي حدّ وزارة التربية قادرة على الاستثمار، وما هي جوانب هذا الاستثمار وما هي مجالات الاستثمار المطروحة؟.
الاستثمار في الأجيال القادمة
نائب رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد تركو يرى أنّ الاستثمار من المواضيع المهمة في مجال التعليم، و وزارة التعليم العالي أقامت عدة ورشات بهذا الخصوص. ولفت إلى كلمة استثمار تعني الربح وتحقيق المنفعة المادية وفي التربية هناك ما يسمى الاستثمار المجتمعي، أي عوائد الاستثمار على الأجيال القادمة ومنعكساتها المجتمعية والصحية والقيمة على المجتمع عموماً.

تركو: كلمة استثمار تعني الربح وتحقيق المنفعة المادية وفي التربية هناك ما يسمى الاستثمار المجتمعي.. الهدف من الاستثمار هو تحقيق الموارد الذاتية وتخفيف العبء على موارد الدولة

والسؤال : ما الذي يمكن أن نستثمره في وزارة التربية ؟ يجيب د. تركو: إنّ الاستثمار بالقوى البشرية والكفاءات يأتي أولاً، وثانياً الأصول المادية التي تعني العقارات والأبنية وثالثاً هو الاستثمار في الأجيال القادمة، وفي الدول الغربية هناك مبدأ يقول: كلما أنفقت الدولة على التعليم، كانت هناك عوائد اقتصادية جيدة في المستقبل.
ولفت تركو إلى أنّ الهدف من الاستثمار هو تحقيق الموارد الذاتية وتخفيف العبء على موارد الدولة، وخاصة مع وجود الحرب الاقتصادية على سورية والتضخم الحاصل، فكان على وزارة التربية البحث عن موارد ذاتية من أجل تعزيز وتمويل مشاريعها ولا بدّ من تأمين البيئة المناسبة للاستثمار، تخطيط قوانين وإستراتيجية مناسبة.
وأشار إلى أن التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل أصبح جزءاً من الحياة والتعامل مع العالم الخارجي، وهناك مشروع في وزارة التربية لإحداث مناهج تفاعلية عن طريق الإنترنت وإلغاء الكتب المدرسية المطبوعة، وهناك تجارب عالمية في هذا المجال.

هناك مشروع في وزارة التربية لإحداث مناهج تفاعلية عن طريق الإنترنت وإلغاء الكتب المدرسية المطبوعة

التفرغ العلمي
مدير التفرغ العلمي في جامعة دمشق الدكتور محمد يوسف يرى أن الاستثمار في التعليم هو الاستثمار في المخرجات، وخاصة أننا لاحظنا في السنوات الماضية أن هناك ترهلاً وفجوة بين سوق العمل والمخرجات التعليمية، سواء من المعاهد التقنية أو من الجامعات الحكومية، وفي جامعة دمشق هناك تجربة جيدة وهي المحاولة قدر الإمكان دعم البرنامج الأكاديمي بمجموعة من البرامج العلمية والورشات المهنية التي تسهم في ربط الجامعة بالمجتمع، أيضاً مساهمة المجتمع المحلي بهذه الفعاليات عبر تقديم أحدث التقنيات في الكليات الطبية والتطبيقية مثل الهندسات والتي غير موجودة في المناهج التي تعدّ قديمة ولا يمكن تحديثها أولاً بأول ، وهذه الفجوة بين سوق العمل والتعليم الأكاديمي يتم ردمها من خلال هذه البرامج والفعاليات.

يوسف: الاستثمار في التعليم هو الاستثمار في المخرجات وخاصة أن لدينا ترهلاً وفجوة بين سوق العمل والمخرجات التعليمية

ولفت إلى وجود قانون جديد في التربية يجري العمل على إعادة النظر فيه، وبالتالي إحداث مكتب شبيه بالمكتب الموجود في وزارة التعليم العالي بما يتعلق بالتفرغ العلمي الذي يقوم على ربط الجامعة بالمجتمع والعمل على تفعيل عقود للأساتذة والمعلمين مع المدارس الخاصة، وإحداث نظام تشاركي بين وزارة التربية والمجتمع المحلي من خلال الإشراف على المدارس أو إدارتها، وتالياً لابدّ من توفير بنية تشريعية مرنة.

الأصول المادية
يؤكد د. يوسف أنّ الأصول المادية أساس الاستثمار فيها إعادة النظر بالبنية التشريعية لوزارة التربية، من خلال إيجاد مكاتب جديدة تعيد النظر بآلية الاستثمار في كلية التربية، لأن الاستثمار في الأجيال القادمة هو الحل، وهذا لا يمكن أن يتم من دون زيادة الموارد المادية ورأس المال، وهذا لا يمكن تحقيقه في ظل الموازنة الحالية، ولابدّ من زيادة الموارد الذاتية بالاعتماد على الذات وتحقيق عائد اقتصادي و العمل المهني ضروري جداً وزيادة مردوده بما ينعكس على وضع المعلم، لأن المعلم هو محور العملية التعليمية، لكون الوضع المادي للمعلم ينعكس على أدائه، ولابدّ من إحداث مكتب للتعليم المهني في وزارة التربية.

لابدّ من زيادة الموارد الذاتية بالاعتماد على الذات وتحقيق عائد اقتصادي و العمل المهني ضروري جداً وزيادة مردوده بما ينعكس على وضع المعلم

النمذجة التعليمية
رئيس قسم الإرشاد النفسي في كلية التربية الدكتورة ضحى عبود أكدت أهمية النمذجة التعليمية، حيث يوجد لدى وزارة التربية أربع تجارب: المركز الوطني للمتميزين والأولمبياد العلمي ومدارس المتفوقين ومسابقات اللغة العربية التي تتم على مستوى العالم، وفيما يتعلق بمركز المتميزين لابدّ من الاستثمار فيه واعتماد آليات حديثة وبحاجة إلى قاعدة بيانات حديثة وتحليل البيانات في وزارة التربية لمعرفة احتياجات قطاع التعليم، وخاصة في مجال التنمية البشرية للطلاب والمعلمين.
وركزت عبود على نهج تعليم المهارات كاستثمار، لأن المخرجات من التعليم هدفها إنتاج مواطن عالمي بمعنى مواطن يمتلك مختلف المهارات التي تمكّنه من التعامل مع مهارات التكنولوجيا ونحن في سورية ما زلنا خارج النطاق، لدينا تصميم في مجال ، لكن ليس لدينا تصنيع ونعمل على إعداد كوادر بشرية مؤهلة. ومن المعروف أن الإنسان السوري ينجح أينما ذهب، فلماذا لا يتم استثماره في بلده.
ولفتت إلى أنه لابدّ من ردم الفجوة بين القوى البشرية والتكنولوجيا، إضافة إلى وجود قوانين مرنة تسمح للطالب المبدع والمتفوق على زملائه في المجال العلمي بالتقدم إلى صفوف أعلى من عمره أو حتى الدراسة في الجامعة بعمر صغير، وعدم هدر الوقت. كما أننا بحاجة إلى نمذجة التطور الرقمي وبحاجة إلى وجود مدارس خاصة نموذجية، تعنى بتدريس العلوم والرياضيات والفيزياء والهندسة فقط، وهذا يحتاج إلى مرونة في القوانين . منوهة بأنه من المهم التعاقد مع الشركات والمصانع لتدريب الطلاب في التعليم المهني بحيث تخرّج قوى بشرية يمكن استثمارها في المكان الصحيح.

عبود: نحن إلى نمذجة التطور الرقمي وبحاجة إلى وجود مدارس خاصة نموذجية تعنى بتدريس العلوم والرياضيات والفيزياء والهندسة فقط

التعليم المهني
فيما تطرق الدكتور محمود شلغين عضو قيادة في اتحاد شبيبة الثورة إلى الاستثمار في التعليم المهني وتحويل التعليم المهني لقطاع منتج من خلال توظيف التجهيزات والكوادر الطلابية مع تطوير القوانين لها وإعطاء أهمية كبيرة للتعليم المهني، ليكون من أهم القطاعات في سورية، والتركيز على الإنتاج الذي يرفد سوق العمل ويؤمن مردوداً مادياً.

شلغين: يجب التركيز على الإنتاج الذي يرفد سوق العمل ويؤمن مردوداً مادياً

التعليم الخاص
يرى أسامة سرور موجه اختصاصي أنّ الاستثمار في التعليم الخاص، بحيث تقدم الوزارة المعلمين والتجهيزات والمكان وتأخذ نسبة 50%, وخاصة الاستثمار في رياض الأطفال الخاصة وإحداث مدارس نموذجية خاصة، وتكون بالتشاركية مع وزارة التربية ويكون هناك مردود مادي جيد يسهم في زيادة موارد وزارة التربية.

مدرسة إلكترونية
رئيس دائرة الشؤون القانونية في وزارة التربية أسماء غصن، بينت أنه لم يتم استثمار أو تأجير أي مدرسة حكومية للقطاع الخاص، وكانت هناك عقود تمت بالتراضي، لكن سرعان ما تم إلغاء العقد لعدم قانونيته.
وأشارت إلى أنه قريباً سيكون هناك أول مدرسة إلكترونية تابعة لوزارة التربية. ويجب أن تكون معفاة من الضرائب التي تعد إحدى العقبات، وعوائد هذه المدرسة تخصص للعاملين في المدارس، منوهة بأنه سيتم إصدار التعليمات التنفيذية للمرسوم 55 لعام 2004 لترخيص المدارس الافتراضية.

غصن: قريباً أول مدرسة إلكترونية تابعة لوزارة التربية

الاستثمار في مجال المعلومات

مظلوم: على وزارة التربية النظر إلى مجال المعلومات كقطاع استثماري

الموجه الاختصاصي الدكتور سلمان مظلوم أشار إلى أن على وزارة التربية النظر إلى مجال المعلومات كقطاع استثماري، وخاصة أن المواد الخام بهذا القطاع العقول الموهوبة التي قد نجدها في المركز الوطني للمتميزين، و المركز في حد ذاته يشكل نواة صلبة وخميرة جيدة يمكن التركيز عليها بالتعاون مع هيئة التميز والإبداع في إنشاء فريق من الموهوبين في هذا المجال، وأوضح أنّ الاستثمار في التعليم غير معني بالمفهوم المادي للاستثمار، وإنما التركيز على العملية التعليمية بما يتلاءم مع متطلبات المتعلمين من تدريب وتأهيل للموارد البشرية حتى تصبح مخرجات العملية التعليمية قادرة على إحداث تغيير وتطور في المجتمع من خلال تغيير الأنماط الاستهلاكية والاتكالية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار