هل وفّرنا متطلبات استدامة التنمية الزراعية أم تبقى تجاربنا قائمة على ماض لم يعد ينفع؟

حماة – محمد فرحة:

يؤكد الباحثون والخبراء في مجال التنمية الزراعية واستدامتها على أن تكون دائماً في الحسبان والتركيز عليها كحامل للاقتصاد، ومصدر قوة الأمن الغذائي هذا هو المطلب الأول.
فعندما يعمل المعنيون على تحقيق تنمية زراعية شاملة أو متسارعة لتحقيق الأمن الغذائي على المدى القصير أو البعيد، لا بد من توفير مقومات نجاح هذه التنمية وديمومتها، ومن هذا المطلب تتفرع باقي المتطلبات الفرعية العديدة التي هي أساساً تلاقي محددات استدامة التنمية الزراعية الشاملة، وهي ما يركز عليه العالم اليوم.
لكن وضع هذا المطلب موضع التنفيذ، يستلزم صياغة أنشطة التنمية الزراعية في إطار برنامج وطني محلي، لا يتوقف عند هذا العام أو ذلك. لكن يجب أن يأخذ في الاعتبارات الاحتياجات المستقبلية للأجيال، فالحفاظ على الأراضي الزراعية وعدم مسها بتشييد البناء عليها غاية في الأهمية، بل يجب تعزيزها وتوسيع رقعتها باستصلاح المزيد منها وصيانة تنمية الموارد الطبيعية كي تكون أكثر قدرة على العطاء المتواصل.
لكن للأسف ما زال البعض يرى في القطاع الزراعي كغيره من القطاعات، رغم أنه مصدر قوة اقتصادنا واقتصاديات كل العالم، أي الأمن الغذائي، وبمقارنة بسيطة بين ما كان عليه القطاع الزراعي منتصف الثمانينيات وحتى أواخر التسعينيات من ازدهار، وكيف هو اليوم غير مستقر، ولا يحظى بذاك الاهتمام والتركيز يلاحظ الفرق.
يؤكد مدير المصرف التجاري في مصياف والخبير الاقتصادي مهنا المحمد، أن المجتمعات السورية وتحديداً الريفية منها ثرية بإمكانياتها الطبيعية، وغنية كذلك بموروثها الثقافي اللامادي، وتحب الأرض لدرجة القداسة. وهم الذين يصرون على الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بدليل أنهم رغم كل ما جرى في سورية استمروا وسيستمرون في العمل الزراعي لإنتاج أمننا الغذائي، رغم شعورهم بانعدام الاهتمام الكافي والمطلوب الذي يجعل هذا القطاع كأحسن قطاع داعم لحركة التنمية المستدامة.
وتطرق المحمد في حديثه لـ”تشرين” إلى أن المطلوب الآن بناء مؤسسات بحثية زراعية كما هو في الهيئة العامة للبحوث الزراعية ودعمها وتوفير كوادر بحثية كفؤة دائماً، وتمويلها بشكل كاف ومميز، مع التركيز على أساليب التخطيط المدروس بدقة، مع مشاركة تنمية دور القطاع الخاص، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأنشطة توليد التكنولوجيا الحيوية الحديثة.
وتساءل الاقتصادي المحمد: هل وقف أحد من المعنيين عن الاقتصاد التنموي الزراعي معللاً أسباب تراجع هذا الاقتصاد الذي بدأ يشهد التركيز فيه على زراعات دون غيرها، بعيدة عن الزراعات الاستراتيجية الحيوية والمهمة؟
فمفهوم الاكتفاء الذاتي هو قدرة المجتمع على تحقيق الاعتماد الكامل على النفس والموارد بالإمكانيات الذاتية في إنتاج كل احتياجات المجتمع محلياً، وهذا ما يعرف بالأمن الغذائي الذاتي دونما حاجة إلى الآخرين.
من جانبه، شرح مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير استراتيجية الزراعة لتحقيق التنمية المستدامة للموارد الطبيعية، بضرورة التأكيد على التوافق ما بين ميزان استعمال الأراضي وحاجة السوق المحلية للمواد الغذائية وخاصة القمح.
ولذلك اعتمدت الخطط الزراعية لتحقيق الهدف الأساسي، وهو تأمين ما يسمى الأمن الغذائي، لكن الأهم من كل ذلك، ولا يزال الحديث للمهندس باكير، هو التوجه العالمي، ونحن جزء منه، للحديث اليوم عما يسمى التنمية المستدامة للموارد الطبيعية، ومن أهمها: الأرض وضرورة التركيز على الزراعة المحافظة على الموارد من خلال اتباع دورات زراعية وعدم إجهاد التربة بزراعات لمدة طويلة بهدف الحفاظ على صحة التربة.
خاتماً حديثه بضرورة العمل على تحسين الأصناف النباتية التي تسهم في الحفاظ على التربة، وكذلك رفع كفاءة الموارد المائية وحسن استخدامها وحماية مصادرها، زد على ذلك التأكيد على السيطرة على مكافحة الحشرات والأمراض التي تصيب المحاصيل، وهكذا نكون قد حققنا التنمية الزراعية المستدامة، وحافظنا على أمننا الغذائي.
بالمختصر المفيد: إن النمو الكبير الذي يتحقق بين الحين والآخر من الإنتاج جاء أساساً من خلال الارتقاء بإنتاجية وحدة المساحة، وليس من خلال زيادة المساحة المزروعة كما تريد دائماً وزارة الزراعة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار