العائدون السوريون يطالبون المجتمع الدولي بإعادة الإعمار ورفع العقوبات..حان موعد تنفيذ الوعود
تشرين – رفاه نيوف _ نورما الشيباني:
حملوا ما تيسّر من أغراضهم الشّخصيّة بعد العدوان الصّهيوني الهمجي على لبنان، وجهتهم بلدهم الأم سورية التي غيبتهم عنها قسراً الحرب الإرهابية الغاشمة على بلداتهم.
أكثر من ٤٥ ألف وافد لبناني وعائد سوري دخلوا من معبر العريضة الحدودي
أعداد كبيرة من المهجرين السوريين في لبنان يعودون عبر معبر العريضة الحدودي إلى بلدهم في ظل اهتمام الجهات المعنية وتقديمها التسهيلات والخدمات المستعجلة وفق الإمكانيات المتاحة، مطالبين كل المنظمات الإنسانية بإعادتهم إلى بلداتهم بعد إعادة إعمارها.
زيارة ميدانية
” تشرين” زارت معبر العريضة الحدودي في استطلاع لحال العائدين السوريين والتقت عدداً منهم، إذ تحدثوا عن حجم معاناتهم بعد أن أجبرهم العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان على ترك ما جنوه خلال عملهم هناك، ولم يسمح لهم القصف الوحشي بحمل أغراضهم ومقتنياتهم، فاضطروا للهروب الفوري بأرواحهم خشية من استهدافهم بالقصف.
فقدوا المأوى
(أم محمد) مواطنة سورية من محافظة دير الزور، أكدت أنها لجأت مع أفراد أسرتها إلى لبنان طلباً للمأوى والعمل بعد تعرضهم لبطش المجموعات الإرهابية المسلحة في بلدتها وتدميرها منازلهم، والآن عادوا هرباً من الحرب الصهيونية على لبنان إلى وطنهم، وهم يعانون من فقدان المأوى والمواد الأساسية، ويحتاجون إلى تضافر جهود المجتمع الدولي والمنظمات لمساعدتهم .
منزلهم مدمر
كما تحدث (أبو خالد) من ريف حلب عن الظروف الصعبة التي تعرض لها مع أسرته وأقربائه بسبب الحرب الهمجية على بلده ومحافظته حلب، حيث خسر ولده وعدداً من أقربائه على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة التي دمرت منزله أيضاً وحرقت محصوله، ما اضطره وعائلته للجوء إلى لبنان وهو مقيم فيه منذ عام ٢٠١٤، وأكد أن حاله اليوم كحال جميع السوريين اللاجئين في لبنان الذين دفعتهم الحرب الصهيونية والقصف الوحشي على لبنان للعودة إلى سورية، وهم يعيشون في ظروف صعبة، حيث يفتقرون إلى سكن بديل عن منازلهم التي دمرت في مناطقهم على أيدي الإرهابيين، ويواجهون صعوبة الحصول على فرصة عمل في ظل الحرب الاقتصادية الظالمة، رغم كل الجهود التي تبذلها الحكومة السورية لمساعدتهم فور وصولهم إلى المعبر.
هربوا من جحيم الإرهاب إلى لبنان ليعودوا هرباً من القصف الإسرائيلي إلى بلدهم الأم سورية
وناشد أبو خالد وأفراد عائلته المجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته الإنسانية تقديم الدعم لتلبية احتياجاتهم .
صعوبات مضاعفة
من جهتها أكدت (فاطمة) أنها مع أفراد عائلتها كانوا يعلمون ما سيعانون منه بعد عودتهم إلى بلدهم من تحديات وصعوبات مضاعفة، نتيجة تركهم عملهم واضطرارهم للهروب من العدوان الصهيوني المتواصل على لبنان، وقد كانوا على اطلاع ويدركون حجم الآثار الكارثية على الوطن بسبب الحرب والحصار والعقوبات، وهم الذين خرجوا من بلدتهم هرباً من جرائم المجموعات الإرهابية وخسروا بيوتهم وعملهم.
وتابعت فاطمة شارحة وضع والديها المسنين وحاجتهما إلى أدوية دائمة والأطفال إلى تعليم، وهي تدرك ضعف إمكانية الحكومة التي استقبلتهم فور وصولهم وأمنت لهم الغذاء ومراكز للإيواء وأدوية، وهنا لابدّ من الطلب بصوت عالٍ برفع الحصار والعقوبات عن الشعب السوري وتقديم المساعدات بشكل مستعجل .
مأساة حقيقية
وتحدثت (الحاجة فطومة أحمد) عن المأساة التي عاشتها مع عائلتها بعد أن دمّر الإرهابيون منزلهم في ريف حلب، وقتلوا ابنها، فهجروا القرية إلى لبنان، وتركوا وراءهم جنى عمرهم واستقروا في البقاع، إلى أن بدأ العدو الصهيوني عدوانه على لبنان، ليعودوا إلى سورية من معبر العريضة، محملين بالأسى والخوف، فلا بيت يؤويهم ولا عمل وحتى لا يمكنهم العودة إلى قريتهم .
وناشدت كل المنظمات الإنسانية والدولية الرأفة بحالهم والعمل على إعادتهم إلى قراهم ومنازلهم التي دمرها الإرهاب، ليعيشوا بسلام وأمان كما كانوا قبل الحرب الإرهابية على سورية.
تسهيل دخول الوافدين
وفي هذا الصدد، أكد مدير الخدمات العامة في الأمانة العامة لمحافظة طرطوس جهاد قميرة، المكلف من محافظ طرطوس تسهيل دخول الوافدين عبر معبر العريضة وتأمين وصولهم إلى الأماكن التي تم تخصيصها لهم، أنه منذ اليوم الأول للعدوان على لبنان الشقيق تم تشكيل لجنة مركزية في المحافظة برئاسة محافظ طرطوس، حيث انبثقت من هذه اللجنة لجان فرعية على مستوى المحافظة وفق كل وحدة إدارية، وتم التواجد في معبر العريضة منذ اليوم التالي للعدوان لاستقبال الوافدين والعائدين، حيث يتم من لحظة دخولهم فحصهم في النقطة الطبية الموجودة والعيادة المتنقلة، ويقدم لهم ما يحتاجونه من دواء ثم يسهل دخولهم عبر المعبر عن طريق سيارات موجودة لدى الأمانة العامة للمحافظة لإيصالهم إلى مركز الاستضافة في معسكر الطلائع ويقدم لهم الطعام، ومن ثم توزيعهم على الفنادق في حال عدم استيعاب المركز للأعداد وإرسالهم أيضاً إلى مخيم الكرنك وفندق “بلو بي”، ويتم يومياً تفقد احتياجاتهم لتقديمها وفق الإمكانيات الموجودة والمتاحة في المحافظة.
جهوزية تامة
وتابع قميرة: ولتسهيل دخول الوافدين العائدين، قامت وزارة المالية بإيقاف الرسم الذي يتضمن صرف مئة دولار عند دخول أي وافد إلى المعبر، كما بيّن أن المعبر بجهوزية تامة لتقديم المساعدات، لكن هناك حاجة ملحة لدعم المجتمع الدولي، ولا يخفى على أحد أن السوريين الذين هربوا من بلداتهم بسبب الحرب الظالمة عليها إلى لبنان قد اضطروا للعودة إلى سورية وإلى مناطق سكنهم التي تم تدميرها من الإرهابيين، ولم يجدوا مأوى ولا مكاناً، وسورية منذ عام ٢٠١١ تعاني من عقوبات ظالمة على شعبها، ومن هنا يطالب الشعب السوري برفع العقوبات المفروضة عليه والتي تخص دواءه وعلاجه وغذاءه، ويأمل من المجتمع الدولي الوقوف إلى جانبه وقفة إنسانية شريفة .
تسهيل مرور المساعدات
بدوره، أوضح مدير مركز العريضة المهندس حسن برهوم أنه مع بداية العدوان الإسرائيلي على لبنان الشقيق وبدء لجوء الأشقاء اللبنانيين إلى سورية هرباً من القصف، إضافة إلى عودة العائلات السورية الموجودة في لبنان، فإنه منذ اليوم الأول تم التواجد في معبر العريضة لاستقبالهم وتقديم كل التسهيلات المطلوبة من مركز الهجرة والجوازات إلى الجمارك إلى كل الجهات المعنية ضمن المركز بإشراف محافظة طرطوس، كما أن المركز يقوم باستقبال المساعدات التي تأتي يومياً عبر المركز من داخل القطر إلى لبنان الشقيق وتسهيل مرورها بالسرعة الممكنة لتصل إلى من يحتاجها.
نقص بالأدوية الإسعافية
كما زارت ” تشرين” المركز الطبي في المعبر، حيث أكدت الدكتورة بشرى درميني اختصاصية أطفال أن المركز يقوم بفحص أي وافد بحاجة لفحص طبي وتقديم الأدوية الإسعافية وتقييم الحالة، ثم تقديم ما يلزم من فحص سريري، وحسب ما يتوفر من أدوية بالتعاون مع الهلال الأحمر والعيادات المتنقلة، مبينة أن أغلب الحالات المرضية هي من الأمراض الموسمية الشائعة من رشح وإسهالات.
ولفتت درميني إلى أن المركز يعمل على مدار الساعة منذ بدء قدوم الوافدين والعائدين، وهو يتبع لمديرية الصحة في طرطوس، منوهة إلى ضرورة توفر الأدوية الإسعافية التي يعاني المركز من نقص في بعض أنواعها وكميتها، والسبب يعود إلى الحصار الجائر والعقوبات الظالمة على وطننا سورية والأعداد الوافدة المتزايدة يوماً بعد يوم.
٣٢ ألف عائد سوري
عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع الصحة والإغاثة في محافظة طرطوس الدكتور هاني خضور، بيّن أن عدد العائدين السوريين عبر معبر العريضة الحدودي قارب ٣٢ ألف عائد و١٢٧٦٢ وافداً لبنانياً من تاريخ ٢٦/ ٩ / ٢٠٢٤ حتى ١٠/ ١١/ ٢٠٢٤، وبلغ عدد القادمين الأجانب ٩٩٤ قادماً، كما بلغ عدد المغادرين إلى دمشق ٥٦٥ مواطناً و١١٢ مواطناً إلى محافظة حمص و٢ إلى حماة و٧ إلى حلب.
ولفت خضور إلى أن المحافظة مستمرة بتقديم الاستجابة السريعة للجميع، حيث تم تقديم ٥٢٦٠٨ خدمة صحية، وبلغت مصفوفة تبرعات المجتمع المحلي ومحافظة طرطوس عن طريق السورية للتجارة المقدمة للوافدين أكثر من ٣٣٩ مليون ليرة.