الكيان يمهّد لولاية ترامب برهان مواصلة الحرب.. المرونة التاريخية لمحور المقاومة ستُسقط الرهان
تشرين- هبا علي أحمد:
لا قمم ولا بيانات يُمكن أن تحرف أنظارنا عن الميدان في مختلف جبهات المقاومة، لاسيما على جبهتي غزة ولبنان، فحيث توجد الصواريخ والمُسيّرات توجد القمم، أما قمم القصور فلها شأنها،
وغداة القمّة العربية- الإسلامية المُشتركة غير العادية التي عُقدت في الرياض أمس الأول، يأتي المتطرف الإسرائيلي المسمى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ليتحدث عن «السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية».. ويتحدث جيش احتلاله عن مرحلة ثانية من العدوان البري على لبنان من دون أن نعرف ما نتيجة المرحلة الأولى بتقديراتهم، أما تقديرات المقاومة فهي معلومة للجميع.
أما عن أميركا والمفاوضات العبثية وما يطلقونه حول وقف إطلاق النار، فلها حديث آخر.
الفائز دونالد ترامب يبدأ التعيينات برجل أعمال صهيوني كمبعوث لعهده إلى الشرق الأوسط، إضافة إلى ترشيح حاكم ولاية أركنسو السابق مايك هاكابي سفيراً للولايات المتحدة لدى الكيان أحد المحافظين المؤيدين لـ«إسرائيل» والذي قد يُعطي تعيينه في هذا المنصب لمحة عن السياسة الأميركية المستقبلية تجاه الصراعات في الشرق الأوسط.
.. وكأن ترامب يُطمئن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو حول الآتي وحول الضفة الغربية، أي بمعنى أن يجري الاعتراف بما يريده الكيان على غرار ما حدث في الولاية الترامبية الأولى عند الاعتراف بـ«السيادة الإسرائيلية» على مرتفعات الجولان السوري المحتل والقدس «عاصمة» للكيان.
فإضافة إلى العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان الذي بحثته القمة، كان لا بد لها أن تقف عند التفصيل الأخير وتنطلق نحو الآليات التنفيذية التي أشار إليها السيد الرئيس بشار الأسد خلال حديثه في القمّة، وإلّا لا داعي لقمم لاحقة، ونكتفي بقمم الميدان.
مرحلة ثانية من الإخفاق
بما أن الحديث حالياً حديث وقف إطلاق النار في لبنان، فهذا بالضرورة يتبعه تصعيد في القصف الإسرائيلي الوحشي والهمجي واستمرار الحرب ولا سيما مع انتقال الاحتلال إلى المرحلة الثانية كما أشرنا.
وتُروج وسائل إعلام تابعة قلباً وقالباً لكيان الاحتلال وناطقة باسمه للحديث المذكور، إذ تحدثت إحداها عن أن التصعيد الإسرائيلي الأخير في أكثر من منطقة لبنانية «دليل على أن هناك شيئاً ما يُطبخ في ما خص مفاوضات وقف إطلاق النار»، مضيفة: كلاً من حزب الله و«إسرائيل» أكدا أن هناك مفاوضات بالفعل.
وكشفت أن معظم البنود – غير اتفاق وقف النار – وُجد لها حل تقريباً بانتظار وضع اللمسات الأخيرة عليها، إلا أنها أشارت إلى بقاء نقطة واحدة عالقة، تتعلق باللجنة التي ستتولى مراقبة تنفيذ الاتفاق.
وفي نهاية هذا الأسبوع ستنجلي الأمور، ويظهر ما إذا كان لبنان متجهاً نحو هدنة أم تصعيد لتستمر الحرب شهوراً مقبلة، حسب الوسائل.
لكن الواقع يبدو خلاف ما تُروج له تلك الوسائل، إذ تحدّثت إحدى الصحف اللبنانية عن أن التسريبات التي تتحدث عن إحراز تقدم جيد حول مسودة الحل الدبلوماسي هي تسريبات «إسرائيلية».. ونتنياهو ما زال يراهن على خيار استمرار الحرب والضغط بالنار، لفرض شروطه التي وردت في الورقة التي سربتها وسائل إعلامه والتي تعتبر انقلاباً على القرار ١٧٠١، وتشكل ما يشبه اتفاق إذعان جديداً مماثلاً لاتفاق ١٧ أيار.
وبعد الموقف اللبناني الواضح، بدأ العدو مؤخراً حركة دبلوماسية ناشطة باتجاه روسيا والولايات المتحدة ومحاور أخرى، لتوفير ما يصفها بالضمانات الملموسة والطويلة الأمد من أجل تأمين مراقبة وفرض ترتيبات بريّة وبحريّة وجويّة دولية على لبنان، بحجة منع إعادة تسليح حزب الله، حسب الصحف اللبنانية.
روسياً وتعليقاً على ما سبق ذكره، قال مبعوثها إلى سورية ألكسندر لافرينتيف: رغبة «إسرائيل» بضمانات لوقف العبور المزعوم للسلاح عبر سورية ليس من مهام قواتنا.
حزب الله نحو حرب استنزاف طويلة
ودائماً لا يهم ما يُحاك في دوائر السياسة مادامت المعركة الميدانية قائمة، ولم يستطع العدو حتى لحظة كتابة هذه السطور التقدم نحو قرى الحافة الأمامية اللبنانية، وهذا ما دفعه إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية.
لا شك بأن المرحلة الثانية ستكون أشد خطورة وعدوانية ومختلفة عن الأولى وقد تترافق مع إنزالات بريّة وجويّة، لاسيما أن الكيان لا يزال يبحث عن إنجازات لم ولن يُحققها، لكن مما لا شك فيه أيضاً أن المقاومة جاهزة لكل الاحتمالات.
المقاومة اللبنانية/ حزب الله في المرصاد، إذ أكدت في بيانها أمس أن القرار الذي اتخذته قيادة جيش العدو بالانتقال إلى المرحلة الثانية من «المناورة البريّة» في جنوب لبنان لن يكون مصيره سوى الخيبة، وحصاده الحتمي المزيد من الخسائر والإخفاقات، وأن المقاومين في الانتظار.
ولفتت إلى أنها اتخذت ضمن خططها الدفاعيّة كل الإجراءات التي تمكنها من خوض معركة طويلة لمنع العدو من تحقيق أهدافه، وأن الجبهة تمتلك العديد والعتاد اللازمين لخوض معركة كهذه.
ويكفي أن نسلط الضوء على ما تنقله وسائل إعلام العدو عن المقاومة في لبنان وغزة حتى نُدرك كم الأذى والخسائر الذي تلحقه المقاومتان بالعدو.
وقالت تلك الوسائل: إن حزب الله يتجه نحو حرب استنزاف لوقت طويل جداً وهو قادر على تنفيذ ذلك، ونحن أقل قدرة منه على تحمل هذه الحرب، لأننا نطمح للعودة إلى الوضع الطبيعي وترميم الاقتصاد والمجتمع.
ولفتت إلى أنه مع مرور الوقت فإنّ إنجازات «إسرائيل» تنخفض وإنجازات حزب الله ترتفع، مشيرة إلى أن «سكاناً ومسؤولين» في الشمال يقولون: نحن حقاً لم ننتصر على حزب الله والأمر لم ينتهِ بعد.
وعنونت «يديعوت أحرونوت» بـ«الأرض مشتعلة»، قائلة: رغم أن الأطراف تعلن عن اقتراب صفقة، لكن الواقع مختلف – يزداد القصف من الشمال ليطول كل «إسرائيل».
من جهتها، قالت مجلة «فورين أفيرز» الأميركية: المرونة التاريخية لمحور المقاومة تشير إلى أن «إسرائيل» ستجد صعوبة في القضاء على «حماس» و«حزب الله»، مشيرة إلى أن العلاقات العابرة للحدود الوطنية التي يتألف منها المحور تعني أن حماس وحزب الله والمنظمات الأعضاء الأخرى هي عقد مترابط من شبكات سياسية واقتصادية وعسكرية وأيديولوجية دائمة.