ما بين قمة الرياض وتنصيب ترامب.. ميدان تمسكه المقاومة بكثافة الصواريخ ‏والمُسيرات والكيان يقر بأن ضربات حزب الله تضاعفت أربع مرات

تشرين – مها سلطان:

بانتظار مفاعيل القمة العربية الإسلامية غير العادية التي عقدت أمس في العاصمة السعودية ‏الرياض حول غزة ولبنان.. يبدو أن الميدان مقبل على مزيد من التصعيد، وقد نكون أمام ‏شهرين أكثر سخونة بتطورات سياسية مختلفة وذلك قبيل بدء إدارة دونالد ترامب عملها رسمياً ‏في 20 كانون الثاني المقبل، هذا لا يعني أن التصعيد في الميدان أو في السياسة قد يقود إلى ‏حسم من نوع ما، وإنما هي دورة جديدة فقط سعياً باتجاه حسم من نوع ما، علماً أن الاعتقاد ‏العام أن هذا الأمر غير قابل للتحقق، وإذا كان الهدف الإسرائيلي التمهيد لحسم ما، قبيل تولي ‏ترامب مهامه رسمياً بحيث يتم التفرغ لترتيبات سياسية/ أمنية جديدة على المستوى الفلسطيني ‏خصوصاً في الضفة الغربية، وبحيث أن ترامب عندما يتوجه نحو ميدان المنطقة يكون الكيان ‏جاهزاً ميدانياً وسياسياً بسلة مليئة بالمطالب تنتظر موافقته (فرض السيطرة الإسرائيلية على ‏الضفة).. هذا ما يمنى الكيان الإسرائيلي نفسه به، أما الوقائع فلها حديث آخر. ‏

حديث الوقائع
والوقائع كان لها أمس حديث آخر ساخن جداً، بل ناري في تذكير الكيان الإسرائيلي بأن ‏المقاومة هي من يكتب كلمة الحسم، حيث أمطرت المقاومة اللبنانية، حزب الله، الكيان ‏الإسرائيلي بعشرات الصواريخ، تم تقديرها بحوالى 230 صاروخاً، منها 50 صاروخاً في ‏نصف ساعة فقط، وتم تصنيف هذا الهجوم من حزب الله بأنه الأعنف.‏

المقاومة اللبنانية سجلت أمس يوماً نارياً دحض كل أكاذيب الكيان تذكيراً له ولغيره أن ‏المقاومة هي من يكتب كلمة الحسم في الميدان

لكن النقطة الأساسية هنا والتي صعقت الكيان الإسرائيلي، ليس الهجوم بحد ذاته أو حتى ‏وصفه أنه الأعنف، بل في مسألة أن الصواريخ انطلقت من قرى لبنانية على الحدود.. أكثر من ‏ذلك فإن هذه الصواريخ انطلقت من مناطق يقول الكيان إن جنوده يتواجدون فيها، وهذا يعني ‏أمر كارثي على مستويين: الأول أن هذا الهجوم الصاروخي من حزب الله يكشف كذب الكيان ‏بخصوص سيطرته واستيلائه على قرى لبنانية على الشريط الحدودي اللصيق، ما يعني أن ‏عمليته البرية لم تحقق أي من أهدافها. والمستوى الثاني أن جنود الكيان هم على مرأى من ‏مقاتلي حزب الله وتحت سيطرتهم، أي تحت التصفية في الوقت الذي يريده مقاتلو حزب الله، ‏باعتبار أن صواريخ الحزب انطلقت من المناطق التي يتواجدون فيها، وربما من «المسافة ‏صفر» وعلى المرأى القريب جداً من جنود الكيان.‏
الكيان لم يستطع التغطية على هذا الهجوم، لأن آثاره على الأرض، التي تسارعت الفضائيات ‏لعرضها، كان أكبر وأعمق من أن يستطيع ذلك، وحيث صفارات الإنذار لم تتوقف، فيما ‏الحرائق سيطرت على مناطق واسعة في الجليل الغربي شمال الكيان. ‏
وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت عن هلع واسع أصاب المستوطنين في حيفا وشفا عمرو ‏وعكا والكريوت ومناطق أخرى في الجليل إثر هجوم كبير تتعرض له من حزب الله، ‏وأحصت ما يقرب من 230 صاروخاً على مناطق الوسط والجليل خصوصاً على الكريوت.‏
وأقرت هذه الوسائل بأن جنوداً إسرائيليين رصدوا إطلاقات صاروخية نفذهها حزب الله من ‏منقطة السياج الحدود التي سبق وأعلن الجيش الإسرائيلي القضاء على قدرات حزب الله فيها.‏
وذكرت أن حزب الله أطلق صواريخ من منطقة حدودية باتجاه مستوطنة كرمئيل وقد شوهدت ‏أماكن الإطلاق من الجانب الإسرائيلي نظراً لقربها الشديد من الحدود.‏

الكيان ما زال تحت صدمة صواريخ المقاومة التي انطلقت من قرى زعم بأنه سيطر عليها ‏وينشر جنوده فيها أي أن الصواريخ تنطلق من النقطة صفر على مرأى جنوده

وقالت صحيفة «معاريف» بأن حزب الله أطلق أعنف وابل من الصواريخ باتجاه الشمال حيث ‏تم إطلاق 80 صاروخاً خلال دقائق. وتركز الهجوم على منطقة الكريوت شمال شرق حيفا، ‏حيث أظهرت االمشاهد دماراً كبيراً في المباني واحتراق سيارات، وسط حالة من الهلع بين ‏الإسرائيليين.‏
وأكد رئيس بلدية حيفا، يونا ياهاف أن المدينة تعرضت لأكبر إطلاق صواريخ في منذ بداية ‏الحرب.. هذا يضر بالاقتصاد بشدة، أنت لا ترى الناس في الساحات .. والشركات تغلق ‏أبوابها.. هل يجب مواصلة الضغط العسكري؟.. أرى أننا بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق ‏تشارك فيه القوى العظمى.‏

أربع أضعاف ‏
بالتوازي أظهرت بيانات نشرها معهد «ألما» للأبحاث الأمنية في الكيان الإسرائيلي أن ‏هجمات حزب الله تضاعفت أربع مرات خلال هذه الشهر مقارنة بالأشهر السابقة، وفق ما ‏نقلت عنه صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.‏
ويرى المركز أنه منذ بدأ الحزب هجماته في 8 تشرين الأول من العام الماضي 2023 كان ‏هناك3235 هجوماً، بمعدل 270 هجوماً كل شهر. مضيفاً بأن شهر تشرين الأول الماضي ‏وحده شن الحزب 296 هجوماً ووصلت صواريخه إلى ما هو أبعد من 5 كلم داخل الكيان ‌‏(وبلغ عدد القتلى الإسرائيليين 50 بنهم 40 جندياً) فيما كان عدد الهجمات في شهر أيلول ‌‏160. ‏
وحسب المركز فإن هذا يمثل ارتفاعاً كبيراً جداً مقارنة بشهر آب الماضي حيث نفذ حزب الله ‌‏45 هجوماً. وعز المركز تضاعف هجمات الحزب وقوته النارية المكثفة كرد على العملية ‏البرية الإسرئيلية في لبنان.‏
ويحصي المركز الإسرائيلي ما لا يقل عن 2291 صاروخاً ومقذوفة أطلقها حزب الله في ‏الشهر الماضي/تشرين الأول/.‏
وفي الوقت نفسه، يضيف المركز، شهدت مواقع أكثر بعداً، ارتفاعاً في الهجمات مقارنة ‏بالأشهر السابقة، بما في ذلك 29 هجوماً في صفد وروش بينا، و21 في كل من كريات وعكا، ‏و21 في نهاريا، و25 في حيفا، و17 في كرميئيل، و12 في تل أبيب ومستوطنة غوش دان.‏

هجمات المقاومة تضاعفت أربع مرات وبكثافة نارية عالية فيما المسيرات تشكل العنصر ‏الأساسي في سردية النصر لدى حزب الله ‏

واعتبر المركز الإسرائيلي أن مجموعة الطائرات المسيرة هي الورقة الرابحة لحزب الله، ‏وقال: إنها تشكل عنصراً أساسياً في «سردية النصر» لحزب الله، وخاصة في ضوء الخسائر ‏الفادحة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، بحيث تجبر المسيرات الإسرائيليين على اللجوء ‏إلى الملاجئ وتشغل نظام الدفاع الإسرائيلي بالكامل، مما يخلق شعوراً بالنصر والاستنزاف ‏لدى حزب الله.‏

‏«سردية النصر» لحزب الله
وكانت مجلة «فورين أفيرز» نشرت أمس تقريراً حول مقدرات حزب الله بعد 40 يوماً على ‏استشهاد أمينه العام السيد حسن نصرالله، مؤكداً أن سياسة الاغتيالات لم ولن تدمر حزب الله.‏
وقالت المجلة الأميركية تحت عنوان «الاغتيالات لن تدمر حزب الله.. التاريخ القذر لتكتيك ‏معيب»: حسب منطق نتنياهو، ومنطق مسؤولين حكوميين إسرائيليين آخرين، فإنّ هذه ‏الاغتيالات ستساعد في تدمير حزب الله إلى الأبد، ولكن الواقع هو أن «هذه الاغتيالات من ‏غير المرجح أن تنجح».‏
وأوضحت فورين أفيرز أن حزب الله منظمة عمرها أربعون عاماً تتمتع بقاعدة اجتماعية ‏كبيرة، وحزب سياسي ممثل في البرلمان والحكومة في لبنان، ويحظى بالدعم، وهو قادر على ‏التكيف والصمود وقالت: على مر التاريخ، لم تكن الاغتيالات حلاً سياسياً بل تكتيكاً، وأنّها لا ‏تفعل شيئاً لحل القضايا الأساسية التي تحرك الصراع، بحيث تعمل عمليات القتل المستهدفة ‏على إطالة أمده بدلاً من إنهائه.‏
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم نشرت فيديو لمسيرة تابعة لحزب الله تحلق في سماء ‏الشمال في أجواء عكا وحيفا لتنفجر بعدها في مستوطنة نيشر قرب حيفا. فيما شن طيران ‏الكيان الإسرائيلي غارات جديدة اليوم على الضاحية الجنوبية مستهدفاً حارة حريق وبئر السبع. ‏كما استهدف بلدات وقرى عدة في الجنوب موقعاً قتلى وجرحى.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار