من الضروري جداً أن نشهد حالات تغيير في المفاهيم، التي تحكم طبيعة الأشياء، والأكثر ضرورة تعديل القوانين التي تحكمها، وتفرض ترجمتها على أرض الواقع، وذلك بفعل تبدلها وتغييرها، تبعاً للظروف المحيطة، ومسببات وجودها، وحتى الحاجة لها لتغيير نمط معين أو سلوك ما، سواء مرتبط بطبيعة الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية، أو سلوكيات أخرى تفرض الظروف ولادتها والتعامل معها، وكل ذلك يعود الى المفاهيم العامة التي تحدد هوية كل سلوك بمكوناته المختلفة..!
وبالتالي “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك” مكون أساسي من هذه السلوكيات التي تحمل مفاهيم مختلفة، مرتبطة بطبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمستهلك والدولة على السواء، لذا من الضروري أن تخضع لحالات التغيير، وتبديل آليات العمل، لتتماشى مع سلوك المجتمع ومتغيراته، فما كان ” على سبيل المثال” في أواخر القرن الماضي من أمور وضرورات حياتية، لم تعد تتناسب مع بدايات القرن الحالي، ولا حتى هذه الأيام، ليس لعدم صحتها، بل لعدم توافقها مع المفاهيم الجديدة، وهنا مسببات التغيير أصبحت ضرورة حتمية لمواكبة التغيير، وتطويعه لخدمة الحالة الاجتماعية والاقتصادية المرافقة لهذا التغيير..
وما أطلقته ” التجارة الداخلية وحماية المستهلك” مؤخراً عن التغيير، منها ماهو مرتبط بإجراءات وقوانين عمل تعود لعقود مضت، أو عن ضرورات تغيير قادمة ترسم ملامح جديدة للبلد تحمل في مضمونها خمسين سنة قادمة، قد يأتي كله في سياق ماذكرنا، لكن ذلك يحمل الكثير من علامات الاستفهام، وإشارات التعجب، حول قدرة الوزارة على التغيير في ظل ظروف هي الأقسى والأصعب في تاريخ بلدنا، “ولا داعي لذكرها الآن” لأن الجميع يعرفها ويعيشها على مدار الساعة..!
لكن ذلك لا ينفي بعض الصحة في طلب الوزير فيما يتعلق بإعادة النظر بقوانين عمل الوزارة وخاصة قانون الحماية، وآليات التسعير، وعمل الرقابة في الأسواق، وتغيير نمط الحوار مع فعاليات السوق وغير ذلك من مكونات عمل الوزارة.
وبالتالي ماذكرناه “جله “توجيهات وطلبات قديمة متجددة، تأتي مع كل حالة تغيير، لرأس الهرم في الوزارة والذي يحدد نجاح هذه الطلبات وترجمتها على أرض الواقع، ومعرفة نتائجها، هو إجراء ينبغي العمل على تحقيقه “وهو ما نود قوله” ..تفعيل عمل المرصد التأشيري الذي أحدثته الوزارة خلال فترة ليست بالبعيدة ” وتوفي سريرياً..!” لمراقبة عمل الوزارة، ليس لجهة الأسعار فحسب، بل إخضاع مراقبته لكل فعاليات الوزارة، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية بغرض الوصول إلى رسم سياسة عامة للأداء، والتركيز فيها على الأسعار، ودراسة انعكاس سعر الصرف، ومعالجة التشوهات السعرية والمحافظة على توازن الأسواق، والتدخل الإيجابي عند الاختناقات للوصول إلى بيئة تضمن المنافسة العادلة وحماية للمستهلك, من التجاوزات المتكررة، من قبل بعض التجار و المراقبين أيضاً، الذين يتعاملون معهم بصورة غير مشروعة..!
والنتائج هنا لا تقتصر على السوق والأسعار فحسب، بل تدخل في تقييمات الجهات التابعة للوزارة، وحتى المرتبطة معها من الوزارات الأخرى، الأمر الذي يؤكد الحالة الإيجابية للمرصد، والتي تعكس مؤشراتها قياسات صحيحة على الأداء، وخاصة حركة الأسعار في الهبوط والصعود, وتحديد نقاط القوة و الضعف والخلل فيها، ومعالجتها بالطرق التي تسمح بتدخل الجهات الحكومية المعنية، وتوفير المستلزمات والسلع الضرورية، وسد حالات النقص عن طريق جهات التدخل الإيجابي كالسورية للتجارة، والقطاع التعاوني الاستهلاكي وغيرها من الجهات التي تؤمن هذا التدخل، وما ينطبق على الأسعار والسوق في الرصد، ينطبق على باقي فعاليات الوزارة والمرتبط بها، لأن المؤشرات الصادرة هي التي تؤكد حالات التغير، وتحدد أسبابها وموجباتها وطريقة التعاطي معها، وترجمتها على أرض الواقع بما يتناسب مع الغاية والهدف، من كل تغيير جدي في آلية العمل، وليس كما حصل في السابق، وما يحصل اليوم من تصريحات لم تغير من الواقع شيئاً، لأن الجميع يبحث عن التغيير، لكن الفائدة معدومة..؟!
والعبرة في التنفيذ وحصد النتائج، وقادمات الأيام ستحدثنا عنها..
سامي عيسى
166 المشاركات