التوءم الرقمي.. نسخ مطابقة للنسخ الفيزيائية تنقل المشاعر والأفكار للبشر والكائنات الحية
تشرين- رصد :
يوحي اسم التقنية بماهيتها، إذ تهدف هذه التقنية لصناعة نسخ مطابقة وواقعية من الأشياء الموجودة في واقعنا، ولكن بدلًا من أن تكون هذه النسخ فيزيائية، فإنها تكون رقمية موجودة في الواقع الافتراضي، أي أن “التوءم الرقمي” هو نسخة طبق الأصل من الأشياء أو الأشخاص أو الحيوانات ولكن في الواقع الافتراضي.
وتعد نسخ “التوءم الرقمي” مطابقة حتى في أدق التفاصيل مع نسخ الواقع الافتراضي، فإن كان التوءم الرقمي لإحدى الخيول ذات النسب الأصيل والتي تحمل في جسمها علامات مميزة فريدة، فإن “التوءم الرقمي” سيحمل هذه العلامات وكافة الصفات الموجودة في النسخة الأصلية، وكذلك الأمر في الطائرات والمباني والآثار وغيرها.
ومن أجل الحفاظ على مطابقة “التوءم الرقمي” للنسخة الحقيقية يجب أن يضمن المطور سيلًا مستمرًا من البيانات المحدثة بشكل مباشر بكل ما يحدث في النسخة الحقيقية، فإن كانت النسخة الرقمية لمبنى، فيجب أن يتم تحديثه باستخدام مستشعرات خاصة لمراقبة التغيرات الإنشائية التي تطرأ على هذا المبنى، وكذلك الأمر مع الكائنات الحية.
70% من المديرين التنفيذيين للشركات التكنولوجية بدؤوا بالفعل في استخدام التقنية والاستثمار بها
ويمتد تطابق النسخ الرقمية مع الكائنات الحية إلى أبعد من الصفات الفيزيائية، إذ توفر التقنيات الحديثة آليات لنقل المشاعر والأفكار المرتبطة بالبشر إلى داخل النسخة الرقمية بشكل يربط بين طبقات مختلفة من التصرفات والأفكار والمفاهيم، ليوفر بذلك محاكاة شبه واقعية للبشر في ظروف وبيئات مختلفة.
بالطبع تختلف آليات صنع “التوءم الرقمي” باختلاف مصدره أو نوعه، ولكن في مجملها تعتمد على جمع البيانات من النسخ الحقيقية عبر طرق مختلفة، بدءًا من المستشعرات المتنوعة وحتى إدخال البيانات يدويًا في بعض الحالات، لذا تظل الحاجة لخبراء “التوءم الرقمي” القادرين على استخدام التقنيات المختلفة لبنائه وتحديثه باستمرار.
أنواع مختلفة من “التوءم الرقمي”
يمكن تصنيف “التوءم الرقمي” تحت العديد من الأنواع المختلفة رغم تطابق الفكرة الرئيسة التي تكوّن هذه التقنية، ويكمن الاختلاف في مصدر هذا “التوءم الرقمي” أو الشيء الذي يحاكيه، سواء كان جماداً أو كائناً حياً.
ومن الأنواع المختلفة لهذه التقنية “توءم المنتجات الرقمي” حيث يتم بناء نسخة رقمية من المنتجات المختلفة في كافة مراحل تطويرها واختبار آليات استخدام هذه المنتجات ومحاكاة ظروف الاستخدام المختلفة للتأكد من جودة المنتج وكفاءته من دون الحاجة إلى الاستثمار في اختبارات فعلية للمنتج، ويشمل هذا النوع توءم السيارات والطائرات وغيرها من المنتجات.
كما يوجد نوع آخر، وهو “توءم البيانات الرقمي” الذي يربط بين النسخة الفيزيائية والنسخة الرقمية، ويركز هذا النوع من “التوءم الرقمي” على البيانات المتعلقة بالأشياء المختلفة، ويعد تطبيق “خرائط غوغل” وغيره من تطبيقات الخرائط أمثلة حية على استخدام تقنية “توءم البيانات الرقمي”، إذ تضم هذه التطبيقات نسخة من بيانات سطح الأرض والطرق الخاصة بها، وعبر استخدام الأقمار الصناعية يتم تحديثها ببيانات المرور والسيارات والزحام وغيرها من التفاصيل.
تختلف آليات صنع “التوءم الرقمي” باختلاف مصدره أو نوعه، ولكن في مجملها تعتمد على جمع البيانات من النسخ الحقيقية عبر طرق مختلفة
ظهر مفهوم “التوءم الرقمي” بكثرة في السنوات الماضية في إشارة إلى إحدى تقنيات الواقع الافتراضي المستقبلية التي تعزز من كفاءة الواقع الافتراضي واستخداماتها، ورغم أن التقنيات الجديدة المتعلقة بالواقع الافتراضي قد اندثرت بعض الشيء في الآونة الأخيرة واختُزلت في النظارات وخُوَذ الواقع الافتراضي، فإن “التوءم الرقمي” ازدهرت في قطاعات مختلفة، كانت الصناعة والنقل من أبرزها.
كما تحمل تقنية “التوءم الرقمي” في جعبتها الكثير من الاستخدامات المتنوعة والمختلفة في جميع القطاعات، إذ يمكن استخدامها في أي قطاع تقريبًا طالما كان هذا القطاع يتعامل مع الأشياء الفيزيائية في واقعنا، وهذا يطرح سؤالاً مباشرًا حول ماهية تقنية “التوءم الرقمي” واستخداماتها المتنوعة.
ومن الأنواع الشهيرة لتقنية “التوءم الرقمي” هو توءم الأنظمة، ويمزج هذا النوع بين البيانات الرقمية والمنتجات الفيزيائية لتصميم وتطوير محاكاة متكاملة للعمليات المختلفة وتحسينها بقدر كافٍ ليقدم النتائج المطلوبة، كما ينبغي أن نذكر هنا “التوءم الحي” وهو النسخة الرقمية من الكائنات الحية المختلفة.
أصدرت شركة “ماكينزي” (McKinsey) للتحليلات دراسة حول تقنية “التوءم الرقمي” واستخداماتها في الواقع ومستقبلها، وبناء على هذه الدراسة، فإن الشركة تتوقع أن تصل قيمة قطاع “التوءم الرقمي” إلى 73.5 مليار دولار بحلول عام 2027 فضلًا عن كون 70% من المديرين التنفيذيين للشركات التكنولوجية بدؤوا بالفعل في استخدام التقنية والاستثمار بها.