الحروب مصيرية والأغنيات هابطة!
تشرين – وصال سلوم:
تغيب الأغنية الملتزمة عن المشهد، رغم حضور القضايا الساخنة والمعارك مع قوات الاحتلال في غزة ولبنان على أشدها. ويتصدر المشهد مطربون همهم الأكبر إقامة الحفلات من أجل قبض آلاف الدولارات، بينما يندر إعلان المطربين العرب عن مواقف وطنية حاسمة، حتى على صعيد التبرعات لمصابي الحرب والأطفال والنازحين، لا تكون المواقف على مستوى الحدث الحاصل!.
يتحسر المشاهد العربي على أيام الأغنيات الملتزمة، ويتساءل أين مارسيل خليفة وقصائد درويش؟ أين فرقة العاشقين والكثير من الأسماء الأخرى التي طواها الزمن؟
هل باتت الأغنية الملتزمة تهمة، أم أن المصالح الشخصية وفرقة العرب جعلت حتى القضية الفلسطينية أمراً غير متفق عليه؟.
منذ بداية الحرب، ظهر العديد من الفنانين يرقصون في حفلات الأعراس التي قالوا إنهم لا يستطيعون الاعتذار عنها بسبب التزامهم بعقود موقعة مسبقاً، لكن ماذا عن تبرعكم بنصف المبلغ لإغاثة الهاربين من الموت ومداواة الأطفال المصابين بالقصف؟
تعترف الشركات المنظمة للحفلات بالأرقام الخيالية لمطربي الأغنيات الهابطة في الحفلات الخاصة والعامة، لكننا لا نسمع شيئاً عن مساهماتهم الإنسانية في مساعدة الناس!. بل إن إحدى المطربات العربيات اشتكت من موضوع الحرب وقالت إنها أثرت على حفلاتها، لأن لديها التزامات ولابد من أن تؤمن الأموال اللازمة!. مطرب آخر كشفت الأخبار عن امتلاكه فندقاً، وقد صورته وسائل الإعلام يرقص بشكل غير لائق في عرس ابنة أحد رجال الأعمال في مصر، بينما كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف غزة وجنوب لبنان!.
ربما نحن أمام إشكالية كبيرة، لا تتعلق بغياب الفن الملتزم فقط، بل بغياب الأخلاق والموقف الوطني الضروري في هذا الوقت الذي من المفترض أن تتولى فيه الفنون مهمات كبرى!. لكن هل يمكن الرهان على أصحاب الأغنيات الهابطة في تحمل هذا النوع من المواقف؟ فمعظم أولئك يراهنون اليوم على جذب المتابعين عبر السوشيال ميديا، أو إحياء الحفلات في الدول المجاورة التي لا يناسبها دعم المقاومة أو الوقوف بشكل واضح ضد الجرائم الإسرائيلية. فهل يمكن لأولئك الذين تم تصنيعهم كنخبة، اتخاذ مواقف مشرفة تليق برسالة الفن؟.
حتى لا يكون المشهد قاتماً، كان هناك العديد من المواقف التي تبناها فنانون رفضوا إقامة الحفلات بينما الحرب قائمة، كما صرح آخرون بالفم الملآن بدعم فلسطين ولبنان ضد الهجوم الهمجي الذي يحاول القضاء على البشر والحجر معاً. أولئك يجب تسليط الضوء عليهم وتشجيعهم للتمسك بمواقفهم أكثر، فوسائل الإعلام العربية المتواطئة والداعمة بشكل مستتر أو علني للحرب ضد لبنان وفلسطين، تعمل على معاقبة الفنانين الوطنيين بحجب أسمائهم عن المهرجانات وعدم دعوتهم لإقامة الحفلات بسبب مواقفهم الداعمة لأبناء شعبهم.
من المفارقات الصعبة، أن أصحاب الأغنيات الهابطة، لم يكتفوا بتشويه الذائقة الجمالية والسمعية عند الجمهور فقط، بل أصبحوا منقادين وراء الأموال التي يقبضونها من الحفلات الخارجية، ومستعدين لتغيير المواقف بناء عليها. ألا يجعلنا كل هذا نترحم على الغناء الملتزم الذي غاب من قلة الدعم والعناية؟.