بعدما أعلن جون كيلي بتصريحاته لصحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب «دكتاتور»، وأنه سيسعى لممارسة دكتاتوريته بفظاظة إذا أنتخب من جديد.
أهمية تصريح كيلي أنه كان رئيس أركان ترامب الأطول خدمة في البيت الأبيض، وكان قريباً منه جداً، يروي كيلي أنه عندما سمع ترامب يمدح هتلر ويثني عليه بقوله إن «هتلر فعل أموراً جيدة»، ظن أنه يقول ذلك لأنه غير عارف أو ملم بالتاريخ، فشرح كيلي لترامب ماذا فعل هتلر من فظائع وماذا ارتكب من أهوال بحق الإنسانية، ولكن ترامب – كما يؤكد كيلي – استمر في مدح هتلر وإبداء الإعجاب بقيادته.
بعد تحذير كيلي الأمريكيين من خطر دكتاتورية ترامب، وقبل أيام انضم له 13 من أبرز المساعدين الذين عملوا مع ترامب ونشروا رسالة مفتوحة للأمريكيين، ضخموا وأكدوا فيها ما جاء في تحذير كيلي، وطالبوا الشعب الأمريكي بالاستماع إلى تحذيره والحذر من خطر انتخاب رجل لديه ميول دكتاتورية ومثاله الأعلى هتلر.
ليس غريباً أبداً أن يكون ترامب معجباً بهتلر وبالدكتاتورية والدكتاتوريين، وليس مستغرباً أن يحلم بأن يحكم وحده، وأن يتحكم بالسلطة والقرار بمفرده، وخاصة أنه قال في تصريحات له «لو كنت أنا بالحكم لما حدثت حرب أوكرانيا، ولا وقعت الصراعات التي تجري في غزة ولبنان، و و و»، نبرة «أنا» المعبرة عن حكم الفرد الدكتاتور واضحة في كلامه، ولكن هذه النظرة ليست من إعجابه بهتلر فقط، بل هي مستمدة من إحساسه بعظمة السيطرة والهيمنة الأمريكية على العالم، وتحكمها بمقدرات الأمم، ويبدو أنه يتقمص حال بلده المسيطرة المهيمنة، ويريد أن تكون السيطرة والهيمنة بيده وحده، كما هي بيد بلاده وحدها ودون دول العالم. أمريكا في سياساتها الخارجية، وفي علاقاتها مع الدول الأخرى، تمارس دكتاتورية واضحة على حلفائها وأصدقائها أولاً، وعلى خصومها ومنافسيها حتماً، تفرض رأيها في الدبلوماسية، وإن لم تنجح فإنها تضغط بالاقتصاد كما تفعل في العقوبات الاقتصادية، وإن لم تنجح فهي تلجأ إلى استخدام القوة والقصف والتدمير، ومادامت أن بلاده دكتاتورية فليس غريباً أن يتمثل ترامب بها، ويحلم بممارسة الدكتاتورية، وربما يكون شعاره «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» المقصود فيه أيضاً «اجعلوني ديكتاتوراً مرة أخرى» مثل أميركا، كأنه يقول «أنا أمريكا»، وهذا منتهى الدكتاتورية.
الظاهر إن كلا مع المسؤولين الـ«13» وجون كيلي، بتحذيرهم من دكتاتورية ترامب المعجب بهتلر، سكتوا أو تغاضوا أو تعاموا عن دكتاتورية أمريكا تجاه العالم، فقد حذروا من دكتاتورية ترامب. ونسوا دكتاتورية دولتهم.
د. فؤاد شربجي
130 المشاركات