الأسواق هي الفصل.. الزراعات الاستوائية في مواجهة التقليدية

تشرين – باسمة إسماعيل:

اتجه الكثير من مزارعي اللاذقية إلى زراعة الأشجار الاستوائية بسبب مردودها العالي، في ظل تدني أسعار الفواكه الأخرى المتواجدة في اللاذقية مقارنة بأسعار الفواكه الاستوائية، رغم أن المساحات المزروعة بالزراعات الاستوائية قليلة، إلا أنها تشهد إقبالاً ملحوظاً في الفترة الأخيرة بريف المحافظة.

مردود جيد
عدد من مزارعي الأشجار الاستوائية في ريف جبلة بنيوا لـ «تشرين» أن زراعة الأفوكادو والدراكون والمانجو نجحت في أراضيهم وتعطي إنتاجاً جيداً ومردود كبيراً، يساعدهم في تخطي بعض خساراتهم في بعض الأشجار المثمرة كالحمضيات وغيرها، وكانت الزراعة في بادئ الأمر مجازفة، أما الآن فالعديد من المزارعين يتجهون إلى خوض هذه التجربة لما تعطيه من مردود جيد.

موجة آنية
فيما رأى مزارعون آخرون أن هذه الموجة آنية، فلكل زراعة أرض ومناخ يلائمانها، وهذه الزراعات الاستوائية وإن نجحت حالياً، فإنها لن تستمر طويلاً لعدة أسباب، أهمها المناخ غير المستقر رغم أن مناخ الساحل معتدل الحرارة، لكن تمر أيام تكون فترة الصقيع فيها طويلة والأمطار غزيرة، وهذا كفيل بتكبد المزارع خسارة لن يتحملها، وخاصة أن هذه الزراعات إلى الآن غير مدعومة من الحكومة، ناهيك بأن انتشار الزراعة “الاستوائية” سيحدث تنافساً في الإنتاج، ما سيؤثر على الأسعار ولن يبقى مردوها كبيراً، لأن المساحات المزروعة حتى الآن مساحات صغيرة.
كما أشار آخرون ممن لهم طول باع بالزراعة، ومنهم مهندسون زراعيون، إلى أن أي زراعة لمعرفة جدوى زراعتها تحتاج لدراسة الدورة المناخية على مدار ٣٦ عاماً، لتبيان ما تتحمله هذه الزراعات، ومعرفة الآفات التي تتعرض لها والاحتياجات السمادية لها.

مزارعون يتنافسون في زراعتها لارتفاع أسعارها.. وآخرون يترقبون جدواها الاقتصادية خلال السنوات القادمة

غير اقتصادية
مديرة مركز البحوث العلمية الزراعية في اللاذقية الدكتورة ريم سليم علي بينت لـ “تشرين” أن المزارع في الساحل السوري يتجه لاستبدال محاصيل الخضار في البيوت المحمية، وأشجار الحمضيات بزراعة أشجار الفاكهة الاستوائية، وذلك بسبب ارتفاع أسعارها، ولكن هذه الأسعار مرتفعة حالياً بسبب قلة العرض، وعندما يزداد الإنتاج سيزداد العرض، والطلب عليها سيكون قليلاً بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطن، فحكماً سينخفض سعرها وستصبح غير اقتصادية بسبب متطلباتها الكبيرة، حيث إن البيئة المتوسطية تختلف عن الاستوائية، ما يرتب على المزارع مزيداً من الجهد والتكلفة، ولن يكون التصدير هو الحل، فمن غير المعقول أن تنافس الثمار المنتجة في غير بيئتها الثمار المنتجة في موطنها الأصلي، فمثلاً من المستحيل أن يتفوق الموز المنتج في الساحل السوري على الموز الصومالي أو الموز المنتج في الأكوادور.

علي: لا نشجع استبدال المزروعات المحلية بـ”الاستوائية” لقلة الدراسات والتجارب المحلية عليها

وأضافت علي: لا نشجع استبدال المزروعات المحلية بزراعة الأشجار الاستوائية بسبب قلة الدراسات والأبحاث والتجارب المحلية التي أجريت عليها، بالإضافة إلى أنها عالية التكلفة وتحتاج على الأقل إلى أربع أو خمس سنوات حتى تبدأ بالإنتاج، ما يوقع المزارع بخسارة، كما أنها تتطلب العمل في أشهر الصيف الحارة وضمن البيوت المحمية.
وتابعت: أيضاً هناك قلة معرفة من قبل المزارع بالتعامل مع هذه الأشجار وكيفية العناية بها، والحزمة التكنولوجية الملائمة لها.

غير مدعومة
زراعة الفاكهة الاستوائية غير مدعومة من قبل الحكومة -حسب علي- فإذا أصابتها أي جائحة أو ظروف جوية غير مناسبة سيتحمل المزارع النتائج دون أي دعم، وأضافت: نحن كمركز بحوث علمية زراعية نقترح أن يتم تخصيص مساحات محدودة، تتمتع بمواصفات خاصة ملائمة لهذه الأشجار من أجل زراعتها بهذه الفاكهة، وتحت إشراف وزارة الزراعة بما يحقق الاكتفاء الذاتي فقط، ودون أن يكون هناك تأثير على الزراعات المحلية.

أسعارها ستنخفض
من جهته، أكد رئيس شعبة الخضروات في مديرية زراعة اللاذقية المهندس فادي كزعور لـ” تشرین” أن مزارعي البيوت البلاستيكية في السنوات الأخيرة اتجهوا إلى الزراعات الاستوائية (موز- دراغون- مانجو وغيرها)، وذلك أملاً منهم بأن هذه الزراعات ستحقق لهم مردوداً اقتصادياً أعلى من زراعة الخضراوات (بندورة – خيار – كوسا – باذنجان- فاصولياء)، علماً أن عدد البيوت البلاستيكية في محافظة اللاذقية بلغ حوالي /15/ ألف بيت بلاستيكي، وما زالت البندورة حتى الموسم الماضي 2023 – 2024 تُشكل النسبة الأكبر من هذه البيوت بعدد بيوت بلغ /9270/ بيتاً، أما بالنسبة للزراعات الاستوائية، فقد بلغ العدد حتى تاريخه /1977/ بيتاً بنسبة حوالي 13% من عدد البيوت البلاستيكية.

كزعور: انتشار زراعتها سيؤدي لزيادة العض والدفع باتجاه انخفاض أسعارها

وأضاف: يتجه المزارعون لهذه الزراعات لعدة أسباب، منها قلة التكاليف مقارنة بزراعة الخضراوات، حيث تحتاج للتغطية بالنايلون لمدة خمسة أشهر، وهذا يزيد من العمر الاقتصادي للنايلون، بالإضافة لقلة احتياجاتها السمادية، وقلة الإصابات المرضية عليها، لكونها زراعات جديدة ولم تنتشر أمراضها حتى الآن.

وتابع كزعور: أسعار المنتج حتى الآن جيدة في أسواق الهال مع توقع انخفاضها في السنوات اللاحقة، وذلك لزيادة كمية الإنتاج مقارنة بالطلب على هذه المنتجات.
ولفت إلى أن مديرية زراعة اللاذقية تشجع على زراعة الخضراوات في البيوت البلاستيكية، وذلك لأنها زراعة تقليدية اعتاد عليها الإخوة المزارعون، وتسهم في تحقيق الأمن الغذائي للبلد، إضافة إلى أنها زراعة رابحة في السنوات الأخيرة والقادمة مع الارتفاع الملحوظ في أسعار هذه الخضراوات وإمكانية تصديرها إلى البلدان المجاورة، أما بالنسبة للاستوائيات فمع زيادة عدد البيوت البلاستيكية المزروعة، سيزيد العرض مقابل الطلب على هذه المنتجات، وبالتالي انخفاض أسعارها، كونها لا تُشكل حاجة أساسية للمستهلك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار