رشقة صواريخ نحو قلب صديق

الحذر الحذر من أصدقاء الشبكة الذين يخفون وجوههم وأسماءهم ويقدمون لك رشقة صواريخ افتراضية على طبق الصداقة الافتراضي ويخفون ما يخفون، بينما تكبس أصابعهم على بوست في الواجهة وردة وفي الخلف كلمة متوحشة. إن الصداقة الحقيقة مثل جدول الماء المتدفق لا يمكن أن تخفي حقيقتها وراء شبكة أو شاشة مضيئة وهي يد تمسك بك قبل أن تقع أو حتى ترفعك إذا وقعت تطمئن لصديقك وتبادله صفاء قلبه بنقاء مشاعرك فلا حرمنا من الأصدقاء لأنهم سبب السعادة والنجاة.
عندما نمعن التفكير بأهم أسباب ذلك الانتشار الواسع والنجاح غير المتوقع لوسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما بين الشباب ندرك أن كلمة السر هي البحث عن أصدقاء .. فالصديق على مرّ العصور كان بوصلة النفس الإنسانية للخروج من غربتها ووحدتها وصمتها ,والصديق الحقيقي كان مثل أسطورة مبهمة , فمنهم من وجد له ظلاً على الأرض وآخرون اعتبروا الخِلّ الوفي كطائر العنقاء أحد العجائب والأسرار التي لا وجود لها ..وما بين هؤلاء، وهؤلاء كان لا بدّ من البحث والمجازفة، فالغريق في بحر ملئ بكل أنواع المصائب لابدّ له من صدفة يأوي إليها ويختبر فيها قدرته على تحمل المحنة والبلوى وهذه الصدفة هي قلب صديق يسمعك ويخلص لك النصيحة ويريك ما لا ترى .
وكم من صديق أطفأ النيران المشتعلة التي تهوي بصاحبها وأنقذه من حريق الشهوات..بإخلاصه وصبره ومحبته وصدقه.. وكم من فيلسوف وعالم أوقد فكره وهو يضع دليلًا لاختيار الصديق وحفظ الصداقة ونرى لإخوان الصفا رأياً جميلاً في اختيار الأصدقاء والوفاء للصداقة الصادقة فيقولون في رسالة حملت الكثير من الجمال والحكمة :(ينبغي لك إذا أردت أن تتخذ صديقاً أو أخاً أن تنتقده كما تنتقد الدراهم. واعلم بأن إخوان الصدق هم نصرة على دفع الأعداء، وسلم للصعود إلى المعالي، فان غبت حفظوك، وإن تضعضعت عضدوك. والواحد منهم كالشجرة المباركة تدلت أغصانها بثمرها إليك، وأظلتك أوراقها بطيب رائحتها، وسترتك بجميل فيئها. فإذا أسعدك الله يا أخي بمن هذه صفته فابذل له نفسك ومالك وقِ عرضه بعرضك، وافرش له جناحك، وأودعه سرك، وإن هفا هفوة فاغفرها له، وإن زلَّ زلة فصغرها في عينيه).
وليس بمستغرب وقد علمنا أنّ الصداقة هي عشق النفس لخلق جميل في نفس وروح ترتقي بهما في درب خطواته شوك ونار لكن التشارك بالطريق والألفة تجعل العبور منه ممكناً مهما بلغ الجهد وهذا الشوق إلى صديق جعل مواقع التواصل الاجتماعي محببة إلى الناس، فرب صديق لم تره عيناك ولم تلتقِ به في طريقك تجده في العالم الافتراضي مخلصاً ووفياً وصدوقاً ..لكن الشبكة الافتراضية التي تخفي ما تخفيه قد تقدم لك صورة جميلة لوجبة دسمة لا يرى سمّها ولا يعرف خبثها ترتدي وجه ملاك أو صديق ولا تلبث أن تصير بلاء يؤرق حياتك.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار