جاء تشرين يا حبيبة عمري!

جاء تشرين يا حبيبة عمري أحسن وقت للهوى تشرين ولنا موعد على جبل الشيخ كم الثلج دافئ.. وحنـون.. شام.. يا شام.. يا أميرة حبي كيف ينسى غرامـه المجنون؟ شمس غرناطة أطلت علينا بعد يأس وزغردت ميسلون جاء تشرين.. إن وجهك أحلى بكثير… ما سـره تشـرين؟ إن أرض الجولان تشبه عينيك فماءٌ يجري.. ولـوز.. وتيـن.. مزقي يا دمشق خريطة الذل وقولي للـدهر كن فيـكون .. استردت أيامها بك بدرٌ واستعادت شبابها حطين.. كتب الله أن تكوني دمشق بك يبدأ وينتهي التكويـن.. هزم الروم بعد سبع عجاف وتعافى وجداننا المـطعـون.. اسحبي الذيل يا قنيطرة المجد، وكحّل جفنيك يـا حرمون.. علمينا فقه العروبـة يا شام فأنت البيـان والتبيـيـن، إركبي الشمس يا دمشق حصاناً.. يا قصيدة النار والورد تغنـت بما صنعت القـرون.
القلب مثقل بالهموم.. وثمة كلمات تعيد إليه نبضه.. كلمات الحب والفخر وتلك التي تعيد إلى النفس سكونها وأمانها.. أصوات الحرب تتعالى والعبور إلى اليوم الثاني تعترضه الكثير من الصواريخ وجثث الموتى وآهات الجرحى وبكاء الأطفال من الجوع .. وتلك الأكاذيب حول الإنسانية تتهاوى كالزجاج المكسور.. ترحل العيون إلى غزة.. وإلى لبنان العالم كله أعمى وأصم وأبكم ورأسه مقطوع.. والمارد المحتل ليس إلا مسخاً يهدد بإحراق المدن الآمنة.. ولا يدرك أن النار تطفئها قطرة ماء.. بالأمس أشعل المسخ فتنة في العراق.. وأطلق على الشام رياح الإرهاب المسمومة.. وهدم غزة.. وأشعل النار في لبنان.. والغول المجرم وكيانه الغاشم ينشر خريطته البائدة ويرفعها ظلماً وجوراً في المحافل الدولية، ويضع خطين تحت النيل والفرات مروراً بالأردن وصولاً إلى السعودية.. لا يخجل يعلن حروبه المدمرة على الملأ.. والعصابة العالمية تدعمه سراً وعلناً.. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هما من يباركان الخريطة الجديدة.. ويضعانها على نظارتهما.. ويمدانها بالسلاح والنار.. وكأن العالم يوافق ضمنياً على قانون القوة والعنف.. ويعجز عن حماية الأبرياء.
ولعل الخطر الحقيقي أن الاحتلال الإسرائيلي ليس مجرد استعمار تقليدي، بل هو استعمار إحلالي يعتمد على أساطير دينية تجعله أكثر عنفاً وتطرفاً.. وعلى مر العصور كان يسعى إلى نزع وإبادة الشعب الأصلي بكامله وكذلك الدعم الغربي ليس مفاجئاً، فهو يعكس حرصه على حماية مصالحها الرأسمالية، حتى لو كان ذلك يعني دعم الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
ويغيب عن المشهد أن الأسود والأجيال الجديدة والقادمة يحرسون الأبواب السبعة , ويشهد التاريخ أن دمشق دفنت جيوش الغزاة.. ولم ينقص ياسمينها يوماً..
إن وحشية الاحتلال الإسرائيلي اليوم ليست مجرد حلقة في سلسلة من الجرائم، بل هي مؤشر إلى مستوى جديد من العنف الممنهج.. حجم الدمار في غزة، والقوة التدميرية للقنابل في جنوب لبنان، وعدد الضحايا المدنيين، كل ذلك يعكس مستوى من الوحشية لم نشهده من قبل، إضافة إلى ذلك، كلُّ تلك الوحشية تتم علناً تحت خطب دينية متطرفة تستخدم الأساطير الدينية اليوم لتشجيع قوات الاحتلال على الفتك بالفلسطينيين.
الهستيريا الدموية، يتعامى عنها العالم، لكنه سيدفع الثمن وربما في وقت ليس ببعيد، فالعالم اليوم أكثر من أي يوم مضى يقترب من حافة الفوضى، ولن يكون هناك مكان للقانون أو العدالة، الذي كان من المفترض أن يحمي الإنسانية من ويلات الحروب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار